fbpx

اليمن: تغير المناخ يلحق آثار كارثية

من فيضانات دوعن، حضرموت، 2018 – الصورة: حلم أخضر

حلم أخضر – تقرير: عبد الجليل السلمي*

ليست الحرب وحدها التي تضرب الاقتصادي اليمني، وتشرذمه وتدمر مقوماته البنيوية، فثمة تحدي آخر، وهو: “تغير المناخ، وارتفاع دراجات الحرارة”. إذ يشكلان تهديداً محدقاً على مستقبل الاقتصاد اليمني الهش.

وتوقع البنك الدولي أن ينكمش الاقتصاد اليمني على المدى المتوسط، بنسبة تصل إلى 24% بحلول عام 2050 بسبب تغير المناخ، ويسهم الطقس المتطرف على المدى القصير، في الإصابات وانعدام الأمن الغذائي للأسر المعيشية والمرض والعجز وزيادة نزوح السكان وانعدام الأمن الاقتصادي.

وشهد اليمن هذا العام، موجة حرارة قاسية، وصدمات مناخية، تمثلت في الأعاصير، ونزول الامطار بغزارة في مواعيد غير الموسمية، والتي حدت من الأمن الغذائي وإمدادات المياه ومستويات الدخل، والحقت آثار كارثية على المستضعفين.


وخلال عامي 2015 و2018، ضربت اليمن أعاصير “تشابالا” و”مكونو” و”لبان”، وتسببت في فيضانات واسعة النطاق، وأودت بحياة العشرات، وأسفرت عن خسائر بالمليارات في الممتلكات الطبيعية والبشرية، ونجمت هذه العواصف جزئياً عن الارتفاع القياسي في درجات حرارة سطح البحر. ووفقاً لمؤشر “نوتردام” العالمي للتكيف، الذي يقيس مخاطر المناخ الكلية، يعد اليمن من أكثر البلدان قابلية للتأثر وأقلها استعداداً في العالم، حيث يحتل المرتبة 167 من أصل 181 بلداً.

واوضحت وثيقة المشروع الطارئ للصحة والتغذية في اليمن، حصل “نيوز يمن” على نسخة منها، إلى أن الآثار السلبية لتغير المناخ ستطال الفئات الأولى بالرعاية من سكان اليمن بشكل أكبر ممن سواهم، إذ تفتقر الفئات منخفضة الدخل إلى الموارد اللازمة لتحمل درجات الحرارة المرتفعة، وارتفاع منسوب مياه البحر، وعدم انتظام هطول الأمطار، والكوارث الطبيعية الأخرى.

تغيرات المناخ على اهالي سقطرى

ويهدد تغير المناخ الأمن الغذائي في اليمن، وقد تسبب فشل المحاصيل الناجم عن الجفاف الذي رُصد مؤخراً في مجاعة بين مزارعي الكفاف، ودرجة أشد عمقاً من انعدام الأمن الغذائي للنساء والأطفال في كل من المناطق الريفية والحضرية.

واشار الوثيقة الدولية إلى أن الإنتاج الزراعي، الذي يقل عن المستويات التي تحققت قبل نصف قرن، قد يشهد مزيد من التراجع في ظل استيراد أكثر من 80% من الغلال مع عدم القدرة على توزيعها بسبب الحصار وفقاً لتقرير منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة 2018.

ومع انخفاض الإمدادات الغذائية، ترتفع الأسعار بشكل أكبر، مما يضعف قدرة الفقراء على التكيف، وتصنف الأمم المتحدة “انعدام الأمن الغذائي المدمر” في اليمن بأنه أسوأ أزمة إنسانية يشهدها العالم منذ إنشاء المنظمة في عام 1945.

وفي القطاع الصحي يُتوقع أن تؤدي العواصف والسيول المتكررة إلى تضخيم معدلات انتشار الأمراض المعدية كالكوليرا والدفتريا وحمى الضنك، وارتفاع معدلات الوفيات والإصابة بالأمراض الناجمة عن الأمراض المرتبطة بالحرارة، كسرطان الجلد، مع ضعف قدرة النظام الصحي الممزق في اليمن على مواجهة هذه التحديات.

المكلا - اعصار لبان 2018

وتتعرض مصائد الأسماك الحرفية صغيرة الحجم، حيث تعتبر الأسماك مصدراً حيوياً آخر للتغذية والدخل في المجتمعات المحلية الأولى بالرعاية، لتناقص سريع حيث تنخفض الأرصدة السمكية بسبب زيادة حموضة المحيطات الناجمة عن المناخ، وزوال الأكسجين، وتدمير الموائل.  

وتعتبر التغيرات المناخية من العوامل الأساسية التي أضرت كثيراً بالإنتاج المحلي للغذاء وحالة الامن الغذائي في البلاد ومن ذلك الأضرار التي خلفتها الزوابع والأعاصير والفيضانات التي ضربت المناطق اليمنية خلال الفترة 2010-2018. واكدت مذكرة الأنشطة القُطرية الخاصة باليمن، تعرض اليمن لآثار تغير المناخ السلبية، وافتقاره إلى القدرة على التكيف، وتوصي بأن تدمج العمليات إدارة مخاطر الكوارث في تصميمها.

وبحسب الوثيقة الدولية، فإن توفير سبل العيش للسكان وانعاشها يمثل أهمية بالغة تزداد أكثر في أوقات الأزمات والصراعات المطولة لجعل السكان أقل عرضة وأكثر قدرة على مقاومة الصدمات الاقتصادية، وتحويلهم من مستهلكين متكلين على المساعدات الغذائية الانسانية المؤقتة إلى منتجين معتمدين على ذاتهم. وكذلك، زرع بذور التحول نحو الاستقرار والتعافي حينما يحل السلام.

* عبد الجليل السلمي: صحفي، ورئيس تحرير موقع (يمن دايلي)

تعليقات
Loading...

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط
error: Content is protected !!