fbpx

مهاجرو المياه في ازدياد

حقوق الصورة: SIWI

حلم أخضر- كتب: رحاب عبد المحسن*

تخيل أن 10 من كل مئة مواطن في أفريقيا سيحاولون إيجاد وسيلة للهجرة، ليس بسبب الحرب، أو البحث عن وظيفة، ولكن لأنهم “مهاجرو المياه”، على حد تعبير السيد هينك أوفينك، المبعوث الخاص لشؤون المياه الدولية في مملكة هولندا، في جلسة بعنوان استخدام البيانات الضخمة في توزيع المياه وزيادة إنتاجيتها خلال فعاليات أسبوع المياه العالمي في مدينة ستوكهولم   بالسويد في الفترة من 26 إلى 31 أغسطس الماضي.

يعمل أوفينك مع فريق ممول من الحكومة الهولندية على برنامج لبناء القدرات وتوفير المعلومات الخاصة بالمياه، باستخدام صور الأقمار الاصطناعية.

ويقول:” نعمل على فهم مشكلة ندرة المياه، ومن خلال البيانات التي تتوافر لنا نستطيع فهم الوضع على الأرض“.

ويتابع:” ولكن الفهم وحده لا يساوي شيئًا، فعندما تمتلك معلومات عبارة عن أرقام كتلك التي توفرها الأقمار الاصطناعية، يصبح الانتقال من مرحلة توفير المعلومات إلى بناء القدرات ومن ثَم إقامة مشروعات هو التحدي الأهم، فالمعلومات لا بد أن تصبح مشروعات لتغيير حياة الأفراد“.

وعن سبب تنفيذ هولندا لمشروعات مثل هذه خارج أراضيها، يعلق جوب كلاين، منسق شؤون المياه لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الهولندية:” المياه الموجودة على الأرض محدودة، والجفاف يزيد الضغط عالميًّا على المياه، لذا فإن قياس مستويات المياه وتحديد كيفية التعامل مع هذه المشكلة مسؤولية مشتركة“.

كذلك يؤكد كلاين أن المياه الموجهة لقطاع الزراعة يساء استخدامها،” لذا فمن خلال برامجنا نضع خططًا وأهدافًا، ونتابع تحقيقها من خلال مشروعاتنا وبمساعدة شركائنا“.

فمن خلال تلك المشروعات يتم قياس ما يستهلكه قطاع الزراعة من مياه –إذ يستهلك في الغالب 70% من المياه الصالحة للاستخدام-وتقدم معلومات للجهات البحثية كل 10 أيام من خلال صور الأقمار الاصطناعية، تتعلق بدولةٍ ما تبعًا لموقع القمر، كما تم إنشاء قاعدة بيانات. ” والأهم أن المعلومات المقدمة تتيح مقارنة تاريخية للبيانات منذ عام 2009“، وفق كلاين.

يمكن عبر استخدام البيانات ومقارنتها تحديد أثر التغيرات المناخية التي حدثت من خلال هذه الوسيلة مفتوحة المصدر.

وبترحيب علق علي صبح، أمين عام وزارة المياه والري بالأردن، مؤكدًا على المشكلة المائية المعقدة التي تواجه الأردن، فهو واحد من أكثر 10 دول مهددة بالجفاف في العالم، وثاني أفقر دولة في العالم من حيث وفرة المياه، ويقول: ”نحن بالفعل نتعايش مع الفقر المائي، ولكن نحاول إدارة المياه المتاحة وتوزيعها بين الإدارات المختلفة بحيث تكون الأولوية لمياه الشرب، ثم السياحة والصناعة، وتأتي الزراعة كمستهلك أخير للمياه، إذ تستهلك ما يعادل 52%، وهو ما لم تحققه أي دولة أخرى“.

ويرى صبح أن استخدام تقنيات الاستشعار من البُعد والحصول على صور أقمار اصطناعية ومقارنتها، يساعد بشكل كبير، ليس على تحسين إدارة المياه ورصد موارد البلاد فحسب، بل أيضًا على التحكم في الماء المستخدم في الزراعة. ”إذا نظرت إلى الأردن، فنحن نملك 90 مليون مترًا مكعبًا من المياه الصالحة للشرب سنويًّا، وجميع الدراسات تُظهر أن الجفاف سيتفاقم؛ إذ ستنخفض الأمطار بمعدل1.5  عن معدلها الحالي، وهو ما يدق جرس إنذار لإيجاد حلول“.

خلال الأعوام العشرة الأخيرة، شهدت البلاد موجات جفاف، خاصة مع اللجوء السوري، فمنذ بداية 2011 تدفقت أعداد كبيرة من اللاجئين، وارتفع الطلب على المياه بنسبة 20%، وفق صبح.

وعقَّب أوفينك بأن مشكلة المياه، أحد العناصر المهمة المتسببة في الهجرة، ”فهناك 25 مليونًا حول العالم اليوم من المهاجرين بسبب الظواهر المرتبطة بتغير المناخ مثل الجفاف والفيضانات والأعاصير، ومن المتوقع ازدياد العدد إلى 250 مليونًا بحلول 2050 وفقًا لإحصاءات الأمم المتحدة، فيما يعني أن 10% من تعداد السكان في الدول الأفريقية في قوائم انتظار الهجرة بسبب المياه“.

وشدد أوفينك في حديثه على أنه ”لا بد من أن نعي ذلك ونتحرك بعمل مشروعات في هذه الأماكن المهددة ونوفر كل قطرة مياه“. وتابع: ”الماء ثمين، وقد يبدو أننا نملك الكثير منه، لكننا لا نملك“.

* يعاد نشر هذا المقال برخصة المشاع الإبداعي النسبة 2.0. بترخيص من شبكة SciDev.Net

تعليقات
Loading...

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط
error: Content is protected !!