fbpx

اليمن: الاحتطاب يستنزف الغطاء النباتي

قطع اشجار جامعة صنعاء 2019/© حلم أخضر

(صنعاء) – تقرير: عادل الدغبشي*

حذرت الهيئة العامة لحماية البيئة في اليمن من مخاطر موجة الاحتطاب الكبيرة التي يقوم بها السكان، من جَرَّاء استمرار أزمة الوقود وتفاقمها منذ أكثر من أربع سنوات.

تزايدت حاجة السكان والمجتمعات المحلية إلى الوقود، في ظل أزمة الطاقة الكبيرة التي تسببت فيها الحرب الدائرة بالبلاد، ولَّدت زيادة هائلة في الطلب على الحطب والفحم النباتي، وفق ما أكده عبد الله أبو الفتوح، مدير التنوع الحيوي والمحميات الطبيعية بالهيئة العامة لحماية البيئة.

ويوضح أبو الفتوح أن” ارتفاع أسعار المشتقات النفطية، والنقص الحاد في الغاز المنزلي وانعدامه أحيانًا، أسهم في عودة العديد من الأسر اليمنية إلى الطريقة التقليدية في استخدام الحطب، كما تحولت المخابز إلى استخدامه عوضًا عن الغاز أو الكيروسين، الأمر الذي تسبَّب في رواج تجارة الحطب وزيادة الطلب عليه“.

ويستطرد:” شكَّل هذا ضغوطًا قويةً على الغطاء النباتي وعلى أشجار واجهات المنازل وبعض شوارع المدن الحضرية، كما تعرضت غابات المانجروف على ساحل البحر الأحمر وفي محمية جزيرة كمران بمحافظة الحديدة، للاقتطاع والتحطيب الجائر، بل وصل الحال إلى جزيرة سقطرى ذات التنوُّع النباتي الفريد“.

الاحتطاب وصل لحد اقتلاع اشجار جامعة صنعاء/ © حلم أخضر

قطع أشجار جامعة صنعاء

ليس هذا فحسب، بل بلغ الطلب على حطب الأشجار حد الاحتطاب من حدائق جامعة صنعاء.

” قُطعت نحو سبعة وثلاثين شجرة معمرة من فناء كلية الآداب بالجامعة وبيعت لتاجر أخشاب بمزايدة رسمية تجاوزت قيمتها 2 مليون ريال يمني (8000 دولار أمريكي) “وفق ما أكده عميد الكلية عبد الملك عيسى لشبكة SciDev.

ويؤكد عيسى أن بعضًا من أشجار الكلية المتهالكة سقطت على المنشآت وأصابت بعض الطلبة، الأمر الذي دفع بالإدارة لقطع الأشجار الجافة فقط، خشية تكرار تلك الأحداث.

ويقول أبو الفتوح لشبكة SciDev.Net:” يُقطع في العام الواحد ما يزيد على 860 ألف شجرة، لسد حاجة أفران العاصمة صنعاء فقط، البالغ عددها 722 فرنًا، إذ تحرق نحو 17 ألفًا وخمسمئة طنٍّ من الحطب سنويًّا“.

ويضيف:” وهذا يقضي على مساحة قدرها 780 هكتارًا من الأراضي المنزرعة بتلك الأشجار“، مشيرًا إلى أنه بتطبيق هذا المسح على محافظات اليمن التي تعاني من أزمة الوقود،” سنجد ملايين الأشجار تتعرض للاحتطاب الجائر سنويًّا“.

وحتى تتضح الصورة كاملة، وللتعرُّف على نسبة تدهور أراضي المراعي والغابات وأنظمة التكامل الزراعي، يشدد أبو الفتوح على ضرورة احتساب استهلاك بقية المخابز في المحافظات والمدن الأخرى، من الحطب، واحتساب الاستهلاك المنزلي في المدن والأرياف، بالإضافة إلى احتساب كمية الفحم الذي يجري إنتاجه للاستهلاك المحلي والتصدير.

الضغط على الغطاء النباتي

وأظهرت دراسة ميدانية نفذتها الهيئة العامة لحماية البيئة وحصلت الشبكة على نسخة منها، أن مساحة الغابات في اليمن تقدر بنحو 1.5 مليون هكتار، وتبلغ مساحة المراعي والتكامل الزراعي الحرجي 22.6 مليون هكتار.

وتمثل مجتمِعةً مصدرًا مهما لتغطية الاحتياجات الغذائية للثروة الحيوانية وحياة السكان، غير أنها تعاني من سوء إدارة واستخدامات غير منظمة تسببت في تناقُصها نوعًا وكمًّا على نحو فاجع.

الحاجة الماسة إلى الحطب رفعت أسعاره إلى حدٍّ بعيد، ففي أحد أسواق صنعاء يقف محمد الغيلي على سيارة نقل كبيرة يبيع حزمًا من الحطب، تشكل مصدرَ دخل وفير له.

ويقول الغيلي:” أبيع الحمولة البالغة أربعة أطنان في ثلاثة إلى خمسة أيام فقط، بنحو 780 ألف ريال، ثم أذهب لجلب حمولة أخرى من أشجار وادي سردد أو من أحد وديان محافظة حجة أو تهامة، وتكلفني الحمولة الواحدة نحو ربع مليون ريال يمني“.

تصوير حلم أخضر
اقتلاع اشجار جامعة صنعاء/ انفوجرافيك: © حلم أخضر

المعنيون في الهيئة العامة لحماية البيئة يؤكدون أن توافر الأدوات الحديثة كالمناشير الآلية، وسَّع دوائر الاحتطاب الجائر واجتثاث الأشجار والشجيرات البرية، دون الاكتراث بالآثار البيئية والاقتصادية والاجتماعية المترتبة على ذلك.

ويُعَدُّ الاحتطاب الجائر من أخطر العمليات المؤدية إلى تدهور الغابات بمعدلات سريعة ومتزايدة، بالإضافة إلى الآثار السلبية المتعددة المضرة بالبيئة والمجتمع على المديين؛ القريب والبعيد، أبرزها انتشار ظواهر مثل الجفاف واختلال التوازن البيئي، وفقًا لدراسة الهيئة.

الدراسة أشارت أيضًا إلى أن تدهور البيئة يجعل التربة عرضةً للتعرية الهوائية والمائية، ما يسبب انخفاضًا في كمية المياه التي تغذي الطبقات الحاملة للمياه الجوفية، ويزيد معدل حدوث الفيضانات والسيول الجارفة مسببًا خسائر بشرية واقتصادية.

كما أن الاحتطاب الجائر يجعل الحياة البرية عرضةً للخطر بسبب هجرة بعض الطيور والحيوانات بعد فقدها موائلها الطبيعية، وهذا كله سيؤدي إلى الإخلال بتوازُن النظام البيئي.

ويرى أبو الفتوح أن الجهات الرسمية قابلت هذه الكارثة البيئية الوشيكة بكثير من اللامبالاة، ويقول: ”أزمة الاحتطاب الجائر تستفحل أكثر في ظل الجهود الرسمية الخجول الرامية إلى وضع أسس فاعلة لإدارة مستدامة للموارد الطبيعية“.

ويشدد أبو الفتوح على ”ضرورة إجراء دراسات رسمية متكاملة للمناطق التي تتعرض لتدهور مستمر؛ بغية وضع خطط وبرامج للحد من هذا التدهور، ووقف الاحتطاب الجائر من قِبَل السكان المحليين، ومن ثَم وضع خطط تنموية لإعادة تشجير تلك المناطق المتضررة بفعل التحطيب والقطع“.

وفي مقابل ذلك يتوجب على المعنيين توفير الوقود من الغاز المنزلي ومشتقات النفط بأسعار خاصة ومعقولة؛ للحد من الطلب على الحطب، وإنقاذ الغطاء النباتي وتوازن البيئة.

*ينشر هذا التقرير تحت رخصة المشاع، المصدر: شبكة  SciDev.Net

تعليقات
Loading...

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط
error: Content is protected !!