fbpx

البصمة البيئية (2)

بقلم: ماجد التميمي*

ماجد التميمي / ح.أ

امتدادا لهذا الموضوع البيئي الهام اعود واجزم بشكل يقيني ان السنوات القادمه ستشهد حراكا بيئيا فاعلا على المستوى الدولي تكون فيه البصمه البيئية هي الابرز في المشهد، اذ لم يعد هذا الموضوع يقتصر بكونه يعد نمط من انماط البيئة لكنه تعدى هذا المفهوم بمراحل حتى اصبح يلامس شكل الحياة على ظهر هذا الكوكب.

وللفائدة العلمية، فان البصمة البيئية تحدد قدرة الكوكب ايكلوجيا على تغطية الاحتياجات البشريه وقدرتها على استيعاب ومعالجة النفايات البشريه الراجعه علاوة على قدرتها في تجديد طاقتها الايكلوجيه لحفظ التوازن.

ولان البصمه البيئية لا تختلف عن قضية الاحتباس الحراري ببعدها العالمي، فقد بداء هناك تحركا دوليا يسعى لاى تحريك مياه العالم الراكده نحو هذه القضية.

برز ذلك جليا هذا العام، حينما بداء شعار اليوم العالمي للبيئة الذي يصادف الخامس من يونيو من كل عام (فكر.كل.وفر) ملامسا لقضية البصمة البيئية العالمية رغم ان مدلولاته الاولى تشير الى قضيه جانبيه وهي قضيه الامن الغذائي.

في مؤتمر البصمه البيئية في البلدان العربية الذي انعقد في العاصمة اللبنانية العام الماضي حيث اعتبر المنتدى العربي للبيئة والتنميه (آفد) صاحب هذا المؤتمر ان المنطقه العربيه تعاني عجزا متزايدا في قدرتها البيولوجيه.

هذا العجز مبعثه استهلاك كبير لخدمات الطبيعه بشكل جعلها غير قادره على تغطيه الاستهلاك البشري او تغطية الفجوة الطبيعية المتزايدة.

المنتدى العربي للبيئة اوصى الحكومات العربيه اعتماد مفهوم الحسابات الايكلوجيه في التخطيط الاقتصادي وتخفيض البصمه البيئية ما امكن من خلال تاهيل المناطق الطبيعيه المتدهوره وتخفيض الملوثات والنفايات، بالاضافه الى التحول الى الاقتصاد الاخضر القائم على الشكل المعرفي والعلمي.

المزيد من المشاركات

التقرير الذي قدمه المنتدى، كشف عن فجوه هائله في البصمه البيئية العربية، اذ ارتفع متوسط البصمه البيئيه للفرد العربي بنسبة 78%، مما يعني ان البصمه البيئية الاقليميه الشامله قد زادت خلال هذه السنوات الى اكثر من 500% في حين ان متوسط القدره البيولوجيه المتوفره في الوطن العربي للفرد الواحد هي 60%.

هذه الفجوة تتزايد باستمرار خاصة في ظل الاستهلاك البشري المفرط دون التفكير بمآل هذا الاستهلاك على القدرة الطبيعية لهذا الكوكب.

اظهر التقرير، ان دولة قطر قد سجلت اعلى بصمة بيئية للفرد في العالم تليها دولة الكويت ثم الامارات. ففي قطر ارتفع متوسط البصمه البيئية للفرد الواحد الى 78%.

وهذا الرقم يشير الى ان الفرد في قطر يحتاج الى 11.7 هكتار عالمي من المناطق الطبيعية كي يصل الى المستوى المطلوب من التوازن، وإذا ما قمنا بمثل هذا الاحتساب لكل فرد في العالم سوف نكتشف في النهايه ان العالم يحتاج الى 7 كواكب ارضيه اخرى لكي يتسنى له العيش بشكل متوازن.

هذه الامور بالفعل قد اوحت باتساع الفجوة بين حاجة الانسان ومقدرة الطبيعة، وهنا يبرز مصطلح الامن الغذائي كنتيجة لهذه الفجوة، وكثيرة هي البلدان التي تسعى الى سد فجوة الغذاء من خلال الاستيراد كما يحدث هنا في البلدان العربية.

فلو كانت البصمة البيئية لهذه البلدان في مستواها الطبيعي ربما ان القدره البيولوجيه ستعمل على حل الكثير من الاشكاليات وتغطي هذا العجز المفضوح والمؤلم.

في اليمن، تبدو الامور اسوء بكثير، فالبصمة البيئية اكبر من القدرة البيولوجية بنسبة تصل من 50-100%، وطبعا لن يكون الحل هنا في وضع حد للاستهلاك البشري المفرط للموارد الطبيعية، لان هذه لا تفيد الان.

فالفجوة مهولة هنا، والقدرة البيولوجية ضعيفة للدرجة التي نحن فيها بحاجه الى نصف كوكب للعيش ضمن المستوى المطلوب او حتى مقاربة للمواطن القطري الذي يستهلك من الطاقة ضعف ما يستهلكه اليمني بأكثر من 53%.

*صحفي وكاتب يمني.

تعليقات
Loading...

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط
error: Content is protected !!