fbpx

جزيرة سقطرى المنسية

بقلم: محمد الحكيمي

21 نوفمبر، 2012 (صنعاء)– جزيرة سقطرى المنسية في اليمن، سحرت العالم بندرة وتنوع كل ما تحتويه، غير أن تلك كانت ميزة أرض طبيعية، لم يكن لنا فيها أية خيار.

في القرن الماضي، كانت سقطرى عبارة عن سجن كبير للمعتقلين السياسيين إبان حقبة عهد ما قبل الوحدة اليمنية بين شطري البلاد.

عقب تحقيق الوحدة اليمنية 1990، صارت جزيرة سقطرى مجرد أرخبيل منسي مابين البحر العربي والمحيط الهندي، يهواها الغرب، ويعرفون عنها أكثر مما يعرفه اليمنيين.

لم يلتفت صانعو القرار السياسي في الداخل اليمني، إلى تلك العجائب التي تملكها الجزيرة، باعتبارها أكبر مستودعات البيئة الطبيعية النادرة في العالم.

ما من سبب مقنع تملكه الحكومة اليمنية، لتبرير سنوات الهدر والإهمال التي مرت بها سقطرى، دون أن تهتم بها كمنطقة تحظى بندرة شديدة على كافة المستويات.

ولا يمكن لنا إنكار حضور الأجنبي الذي ظل يلفت انتباهنا، لأهمية سقطرى، من منظمات ومؤسسات بحثية، وبعثات علمية ومهتمين.

وفي ظل الاهتمام العالمي الكبير، صارت جزيرة سقطرى ثروة للعالم كله، وليس لليمن فحسب، فهي الآن أحد مواقع التراث العالمي، بعد ادراجها من منظمة اليونسكو في العام 2008.

لا ادري إلى أين وصل أمر ذلك التوجيه الحكومي بإلحاق جزيرة سقطرى إدارياً بوزارة الإدارة المحلية، وهي خطوة هامة في مسار استقلالية سقطرى كي تصبح محافظة يمنية مستقلة تحظى بكل شيء ممكن.

ولعلها بحاجة لذلك القرار فقد عانت كثيرا من كونها مجرد رقعة جغرافية تابعة لمحافظة حضرموت، جنوب البلاد.

طيلة 3 عقود ونصف، لم تحتل سقطرى موقعاً في قائمة الاهتمام الحكومي، ولم تحظى بمبادرات رسمية نوعية لجعلها في الصدارة اليمنية.

كل ما حصلت عليه سقطرى، كان نتيجة اهتمامات فردية قام بها عدد من المهتمين بشكل شخصي، ولعل الباحثة البريطانية ميراندا موريس “Miranda Morris” كانت من أوائل المهنمين الذين منحوا سقطرى جل الاهتمام .

بالنسبة لميرندا، فهي أحبت الجزيرة بمجرد أن زارتها لأول مرة في العام 1989، وهو ما دفعها لتأليف كتاب عن تراث  سقطرى بمشاركة باحثين آخرين.

مكثت البروفسيورة ميراندا في سقطرى لمدة طويلة، قضتها في تعلم اللغة السقطرية!

وما هو جدير بالذكر هو أن حماس ميراندا قادها لإنجاز مشروع بحثي يوثق لمرجعية متكاملة عن الفن الشفهي لسقطرى النادرة.

عملت ميراندا مع أحمد السقطري، أحد رجال الأعمال في سلطنة عمان، على تأسيس متحف لـ (تراث سقطرى). والذي تأسس بتمويل شخصي من أحمد السقطري،

في العام 2006، تم افتتاح متحف تراث سقطرى، في الحديقة الملكية في إدنبرة، بعد جهد شاق ومضن من قبل ميرندا و السقطري.

على الصعيد المحلي، ليست هناك مبادرات خلاقة للرساميل الوطنية تخص سقطرى غير القليل.

لنتحدث مثلا ً عن ما قامت به سيدة الأعمال لينا العبدول، فهو محل اهتمام، لمبادرة من شابة يمنية تحمست لفعل الكثير.

اطلقت لينا العبدول، مشروع يسعى للحفاظ على بيئة سقطرى وحمايتها من التلوث، ومن خلال مشاهدتها لأسواق سقطرى، وجدت لينا أن الأكياس البلاستيكية بدأت بالانتشار بفعل الاستهلاك المحلي، وعوامل الرياح على مساحات تتسع في مناطق الجزيرة.

وهو ما دفعها للتحرك من أجل استصدار قرار مدعوم من السلطات المحلية بالجزيرة، لمنع دخول أو استخدام أكياس البلاستيك، واستبدالها بأكياس ورقية يتم تلفها دون إضرار البيئة.

كان ذلك النشاط، يتطلب من لينا العبدول أن تؤسس منظمة أطلقت عليها اسم “مؤسسة سبرا للتنمية”.

وسبرا هو اسم شجرة طبية مستوطنة بالارخبيل يعرفها السكان في سقطرى.

خلال حديثي معها، قالت لينا أنها تبحث إمكانية إنشاء مصنع أكياس ورقية في الجزيرة، يغطي الاستهلال المحلي لاستخدامها في تعبئة ونقل المواد الغذائية، حفاظاً على بيئة الجزيرة الاستثنائية.

انه عمل جدير وطموح قلما يحدث في جزيرة منسية لا يزيد سكانها عن 50 ألف نسمة.

وفي معرض الحديث عن مبادرات رأس المال الوطني، فهنالك من يستحق الإنصاف كونه يتحدث باستمرار للجهات الرسمية بكل ما يهم سقطرى.

إنه رجل الأعمال اليمني أمين درهم، الذي لا يتوقف عن تسويق سقطرى أمام البعثات العلمية، عبر جمعية الصداقة اليمنية الألمانية التي يرأسها.

ما تحتاجه سقطرى اليوم، هو إلتفاته جادة من السلطات، وليس مجرد الحديث عنها بتفاخر أمام العالم.

ولو صدق ذلك التسريب الذي يتحدث عن طلب أميركي لبناء قاعدة عسكرية في سقطرى، فربما لن نكون حينها إلا مجرد سياح لا يملكون غير الزيارة، في حين أن الأجانب كميراندا استطاعوا فعل ما هو أكبر.

تعليقات
Loading...

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط
error: Content is protected !!