fbpx

وضع خريطة لسطوع شمس الجزيرة العربية

حلم أخضر – تقرير: معتصم البارودي*

قدمت دراسة حديثة تقييماً مكانيًّا وزمانيًّا عالي الاستبانة لموارد الطاقة الشمسية في شبه الجزيرة العربية منذ 38 سنة. وأجرى هذه الدراسة فريق من باحثين سعوديين من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، وهنود من المعهد الهندي للتكنولوجيا، ومختبرات البحوث الجوية الوطنية.

والقصد من وراء هذا، هو الوقوف على مستودعات الطاقة الشمسية على أرض الجزيرة، وتحديد أكثر الأماكن مناسبةً لاستغلالها، ورسم خرائط لها. لكن الاختلافات الموسمية الواضحة، المؤثرة في الإشعاع الشمسي الواصل إلى سطح جزيرة العرب، أدت -فيما سبق- إلى نقص المعلومات عالية الدقة حوله، ما عاق استغلاله على النحو الأمثل.

”وتظل التقييمات السابقة محدودة زمانيًّا أو مكانيًّا“، وفق الورقة البحثية المنشورة أغسطس الماضي بدورية ’الطاقة التطبيقية‘، وعلى حد زعمها فإن تقييم الدراسة الحديثة يُعد الأكثر شمولًا -حتى الآن- لمورد الطاقة الشمسية بشبه الجزيرة العربية.

”بدأ العمل منذ عامين“، كما يقول إبراهيم حُطيط، الباحث الرئيس بالدراسة، وأستاذ هندسة وعلوم الأرض بالجامعة. ”ولولا أدوات الهندسة الحاسوبية الاستثنائية التي وفرتها الجامعة لما كان ممكنًا“.

الواح خلايا شمسية/ حقوق الصورة: SciDevNet

واستصحب الباحثون العوامل المؤثرة في الإشعاع خاصة، والطقس على وجه العموم، وهم يستقون التقييم من مقارنة بيانات تعود إلى رافدين.

ويتمثَّل الأول في إعادة تحليل بيانات خاصة بالمدة الزمنية 1980–2017، تم توليدها من خلال محاكاة حاسوبية استُخدم فيها نموذجٌ شمسي خاص ببحوث الطقس والتنبؤ.

وأما الثاني جاء بالتحقق من صوابيه التحليلات المعادة، ومدى دقتها في ضوء بيانات جُمعت على مدار أربع سنوات في المدة 2013-2016، عن طريق الرصد اليومي بمحطات لقياس الإشعاع موزعة على 46 موقعًا بأرجاء المملكة السعودية.

مع الأخذ في الحسبان مؤثرات مثل الهباء الجوي والضباب والغيوم، فقد أظهرت المقارنة اتفاقًا طيبًا بين البيانات المنمذجة والمرصودة. للوصول إلى النتائج، عمد الفريق إلى البيانات، وترجمها إلى رسم أولى الخرائط التي تُظهر أي المواقع أكثر مناسَبةً لاستغلال الطاقة الشمسية في شبه الجزيرة العربية.

أبرز نتيجة تمثلت في الخلوص إلى أن الغيوم التي تكسو الشمال شتاءً، والغبار الذي تنقله الرياح من الصحراء إلى وسط المنطقة وجنوبها صيفًا، من أهم العوامل التي تؤثر على معدل الإشعاع الكلي للشمس.

ومن ثم، يقول حطيط: ”بناءً على نتائجنا، حددنا المنطقة الجنوبية الشرقية إلى شمال غرب المملكة العربية السعودية أنها ذات أدنى حد من الغطاء الغيمي، لذا فهي أكثر البقاع ملاءمةً لاستغلال الطاقة الشمسية في شبه الجزيرة العربية“.

من جهته يعلق حمدي الغيطاني، رئيس قسم الطاقة الشمسية بالمركز القومي للبحوث في مصر، لشبكة SciDev: أن ”الدراسة اعتمدت فترة زمنية طويلة لجمع البيانات وتحليلها، ما يزيد في دقة النتائج وموثوقيتها“.

ويشير الغيطاني إلى أن أي مهندس استشاري يوكل إليه مشروع للطاقة الشمسية، سيهتم بقراءة المؤشرات الأساسية الخاصة بالإشعاع الشمسي وصفاء الجو؛ ليختار أمثل موقع وأفضل تصميم للحصول على أوفر حصاد.

الجدير بالذكر أن تقرير الوكالة الدولية للطاقة المتجددة -الصادر عام 2019-يشير إلى ارتفاع معدل الاستهلاك للطاقة بدول مجلس التعاون الخليجي العربي ارتفاعًا ملحوظًا خلال العقد الماضي، مع توجُّه عام نحو تنويع مصادر الطاقة، وتقليل الاعتماد على النفط والغاز الطبيعي.

ويوضح التقرير أن معدل استهلاك الطاقة في المملكة العربية السعودية وحدها قد ارتفع بنسبة تفوق 50% خلال السنين العشر الماضية، في حين تتبنى السعودية خطةً لزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة لتقارب 30% من حاجة المملكة بحلول عام 2030.

” نتائج الدراسة تضم حجمَ بيانات ضخمًا، وسنكون سعداء بمشاركتها ومناقشتها مع أي طرف مهتم بمعرفة المزيد“، وفق حطيط. ويقول:” هدفنا الأسمى إنشاء قاعدة بيانات يسهل الوصول إليها من قِبَل مطوري مشروعات الطاقة الشمسية والباحثين والمؤسسات الحكومية والقطاع الصناعي والأوساط الأكاديمية وعموم الجمهور“.

* هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net، ويعاد نشره تحت رخصة المشاع الإبداعي.

** رابط المصدر الأصلي: SciDev.Net

تعليقات
Loading...

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط
error: Content is protected !!