fbpx

كيف يمكن لليمن مكافحة التصحر؟

التصحر في مراعي لحج/ تصوير: حلم اخضر

فريق حلم أخضر (خاص) 

يعد زحف الكثبان الرملية من أكبر التهديدات التي يتعرض لها التنوع الوراثي والطبيعي في اليمن. وقد أثر على النباتات الغابوية (الغابات) وأراضي الأشجار الحراجية بشكل كبير جداً.

ونتيجة ذلك تحولت العديد من مناطق الوديان الخصبة في اليمن وتحديداً في سهل تهامة، وحضرموت، وشبوة، ولحج، وأبين. إلى أراضي فقيرة وصحراوية، وجافة وصخرية.

وتشير الإدارة العامة للغابات والتصحر في وزارة الزراعة اليمنية، إلى أن حجم الأراضي المتصحرة في اليمن بلغت نسبة 90 % في العام 2014. وهي مقسمة بين أراض رملية صحراوية، وساحلية وقارية وجبال وأراض سكنية وطرق.

كيف يمكن لليمن مكافحة التصحر؟

كي ينجح اليمن في الحد من تهديد زيادة رقعة التصحر، وتدهور الأراضي في البلاد. ينبغي على الحكومة والجهات المختصة البدء في تنفيذ سياسات عامة، وفق الاستراتيجية الوطنية للحد من التصحر وزحف الكثبان الرملية.

نضع هنا، عدد من السياسات والاجراءات التنفيذية العاجلة، والتي خلص لها فريق حلم أخضر، والتي نعتقد أن بمقدورها صنع فارق، في الحد من هذه الكارثة.

ولعل هذه الاجراءات العملية تحتاج للتدخل الحكومي الآن، في ظل اتساع الكارثة التي يفاقمها تغير المناخ. إذ تزداد المخاطر المترتبة عنها على الموارد الطبيعية والغذاء، وعلى سبل كسب العيش لدى السكان، وعلى السلام والاستقرار على حد سواء.

اجراءات مقترحة لمكافحة التصحر في اليمن:

1- تنفيذ خطة وطنية للتشجير لغرس 40 مليون شجرة

تبدو الحاجة مُلحة اليوم نحو البدء بالتشجير في اليمن. فقد مرت حتى اليوم اكثر من 40 سنة منذ اطلاق آخر حملة وطنية للدولة لغرس الاشجار في اليمن. والتي كانت في منتصف السبيعنات، حيث زرعت اليمن حينها 6 ملايين شجرة في 3 سنوات.

لكن اليوم ونظراً للظروف التحديات الحرجة التي تعاني منها البيئة الطبيعية في اليمن، فينبغي للسلطات تبني سياسات التشجير كضرورة وبشكل جاد.

ويتطلب الامر توحيد الجهود الرسمية والمحتمعية من أجل مكافحة التصحر، والبدء بزراعة وغرس 10 ملايين شجرة في السنة، وإطلاق حملات تشجير وطنية في المحافظات لمدة 4 سنوات متتالية. بهدف الوصول إلى غرس 40 مليون شجرة -على الاقل- كهدف حتى العام 2024.

2- إيقاف الحفر العشوائي لآبار المياه الجوفية

في العام 2007، قدرت هيئة الموارد المائية عدد آبار المياه الجوفية في اليمن بنحو 93 ألف بئر. وفي العام 2019 أصبح عدد آبار المياه المحفورة تقدر بحوالي 110 ألف بئر.

وتكمن الكارثة، في أن عدد حفارات المياه التي أدخلت الى اليمن بحوالي 900 حفار، وقد تم إدخال غالبيتها للبلد بصورة مخالفة للقانون، ومعظمها تتبع نافذين ومقاولين. مما استنزف مخزون المياه الجوفية بشكل خطير. في ظل عدم وجود رقابة رسمية من قبل السلطات.

إن قانون المياه لسنة 2002 ينص على أن “الآبار لا يمكن حفرها إلا بموافقة الحكومة”. وفي دول العالم، تظل حفارات المياه مملوكة للدولة، كي لا يتم العبث بالمياه باعتبارها ثروة وطنية.

ولعل الأمن المائي أصبح في صميم الأمن القومي لكل بلدان العالم، كونه يضعها عرضة للتهديد والمخاطر. لذلك يجب الوقف الفوري لحفر الابار، وإدارة الأمر بإشراف سلطات المياه والبيئة والزراعة. وتفعيل القوانين النافذة لمنع ذلك.

داخل محمية برع اليمنية/ مرخصة لحلم اخضر

3– حماية مناطق المحميات والغابات

ينبغي على وزارتي المياه والبيئة، ووزارة الزراعة الري، التنسيق في خطة عمل لمواجهة عملية الهدر والتدمير الذي تتعرض له الغابات في البلاد.

والتي تتطلب من تلك الجهات رفع وتيرة الحماية لمناطق المحميات الطبيعية وبقية مناطق الأحراج النباتية والغابوية في اليمن.

إن مساحة مناطق الغابات في اليمن تتقلص يشكل مستمر، وهي وفق تقدير التقرير الوطني للغابات للعام 2012، لا تتعدى نسبة 10% من مساحة اليمن الاجمالية.

إن حماية المصادر الوراثية في مواقعها الطبيعية، هي الطريقة المثلى في الحفاظ على ما تبقى من التنوع البيئي النباتي والحيواني في اليمن.

4– وقف الاحتطاب الجائر، وتوفير الوقود

ينبغي وقف عمليات الاحتطاب الجائر، واقتلاع الاشجار، والاستغلال المفرط للموارد الطبيعية والذي تفاقم منذ بدء الحرب في البلاد في العام 2015.

وقد تزايدت عملية استغلال الغطاء النباتي -غير المنظم- خصوصاُ في مناطق سهل تهامة بدرجة رئيسية كونها مصدر الحطب للمحافظات الوسطى والشمالية، وكذلك وقف الاحتطاب في بقية المناطق الحرجية الأكثر ضعفاً في البلاد.

ولتحقيق ذلك ينبغي على الحكومة العمل على توفير مادة الغاز المنزلي وخصوصاً القطاعات الخدمية كالمطاعم والمخابز والأفران التقليدية والسكان ايضاً، في عواصم المدن والارياف كما كان في السابق.

وتشير التقارير، الى ازدهار تجارة الحطب في المحافظات الخمس الكبرى الاكثر استهلاكاً للحطب كوقود لطعهي الطعام، كبديل لانعدام الغاز المنزلي. وهي: العاصمة صنعاء، الحديدة، عدن، تعز، وحضرموت.

المزيد من المشاركات

التصحر في اليمن

حطب الاشجار في شوارع صنعاء/تصوير عبدالله ابو الفتوح

5- تقليل الاعتماد على استخدام المبيدات

ينبغي على وزارة الزراعة، الحد من مخاطر إستخدام مبيدات الآفات، والاستفادة من التجارب التي تقدمها منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، حول إتباع النهج المتكامل لإدارة الآفات باستخدام مبيدات الآفات منخفضة المخاطر كملجأ أخير.

وتقليل الاعتماد على المبيدات الكيماوية واستخدام العضوية الاقل خطورة، ومن بين مجموعة المبيدات منخفضة المخاطر، تعتبر المبيدات الحيوية هي الخيار الأفضل، بحسب منظمة الفاو.

كما يتطلب الامر وضع خطة عمل تنفيذية حول تطوير تقنيات الزراعة الجافة محلياً، وانتهاج سياسات قليلة المخاطر.

ولعل من مؤشرات تحقيق ذلك، هو أن اليمن لديها أكثر من 500 باحث زراعي (من حملة الدكتوراة والماجستير) يعملون في مؤسسات البحوث والإرشاد الزراعي لدى الجهات الحكومية. ويمكن لهذا الكادر المتخصص ان يقوم بالكثير في هذا المضمار.

مدرجات زراعية متدهورة في حراز/ ترخيص المشاع

6- صيانة المدرجات الزراعية اليمنية

وفق الموسوعة العربية للزراعة في سوريا، فان المدرجات الزراعية وجدت في اليمن منذ فترة ما قبل الميلاد.

وقبل عقود قليلة فائتة، كانت المدرجات الزراعية اليمنية ماتزال تشكل مصدر دخل 70% من سكان الريف في البلاد. إذ كانت تمدهم بمختلف أنواع الحبوب، والبن وغيره.

وخلال العقدين الأخيرين، تدهورت المدرجات الزراعية في كثير من المناطق المحلية نظراً لتدهور الظرف المعيشي لسكان الريف، وتغير المناخ وقلة الامطار وهجرة شباب الريف للمدن.

واليوم، أصبحت الحاجة ماسة وضرورية لصيانة هذه المدرجات، كونها تعمل على حماية التربة من الانجراف، والتدهور، والتملح وتردي الخصوبة.

ولعل إعادة تأهيل المدرجات الزراعية تتطلب العمل بالتنسيق مع برامج التدخلات للمنظمات الدولية والاغاثية، من أجل تحسين الري التكميلي وكذلك تحسين الغطاء النباتي.

وهناك بعض البرامج -رغم شحتها- لتجارب ناجحة قام بها الصندوق الاجتماعي للتنمية، والصندوق الدنماركي لللاجئين في صيانة المدرجات في حجة وصعدة. ولعل هذا  هذا الأمر يحتاج لاجراءات تنفيذية لمشاريع بشكل مستمر.

7– تطوير مصادر المياه وإدارة مياه الأمطار الموسمية

تتطلب الحاجة القصوى اليوم، الى تأهيل السدود في مناطق اليمن الزراعية، وبناء الخزانات والحواجز، وصيانة التالفة منها. وتنفيذ سياسات إدارة مياه الأمطار الموسمية.

والتركيز على الإدارة المائية بكفاءة ومسؤولية وطنية. إذ يعتبر اليمن من المناطق الجافة وشبه الجافة ذات الموارد الطبيعية المحدودة.

وفي ظل تغيرات المناخ، يعاني اليمن من جفاف مناخه وتضاريسه الجبلية والسهلية والصحراوية المتنوعة والوعرة والتي تعاني من محدودية المياه فيها وكل ذلك يؤدي إلى نشؤ بيئة قاسية ومتقلبة. في وقت يشكل القطاع الزراعي مورداً هاماً في بنية الاقتصاد الوطني.

شلال لماطر محافظة شبوة/ حقوق الصورة: تصوير: عبدالله بارحمة

8– زيادة مساحة المراعي وتنظيمها

تبلغ مساحة زراعة الاعلاف في اليمن حوالي 12% حتى العام 2018. وقبل عقود كانت مساحة المراعي الطبيعية في الجمهورية اليمنية تبلغ نحو 16 مليون هكتار موزعة على مناطق بيئية شديدة التباين.

ولكنها اليوم تقلصت لأقل من ذلك بكثير. وتمثل هذه المساحات المصدر الرئيس لغذاء الثروة الحيوانية، وقطاع النحل اليمني. فالرعي الجائر يفاقم تدهور الأراضي، ويزيد من التصحر.

ويتطلب الامر اعداد وتنفيذ خطة عمل وطنية لدراسة توسيع مساحة المراعي وزراعة الاعلاف وتنظيمها، وإدارة المراعي وتوعية المجتمعات المحلية القائمة على تربية الماشية في مناطق المراعي. 

وتختلف طبيعة النباتات الرعوية المنتشرة وفقاً لطبيعة المناطق: (منطقة تهامة – المرتفعات الوسطي مناطق السهول الوسطي والشرقية).

حيث أن المناطق المشار إليها اعلاه، تتلقى معدلات مختلفة من الأمطار السنوية تتراوح بين 100-400 ملم لذلك فإن إنتاجية المراعي الطبيعية متباينة. 

مصادر البيانات:

– وزارة الزراعة والري اليمن. كتاب الاحصاءات الزراعية للعام 2018.

– الجهاز المركزي للاحصاء، كتاب الاحصاء السنوي 2018./ المركز الوطني للمعلومات./ منظمة الفاو.

مرعى اغنام في سقطرى/ ترخيص المشاع
تعليقات
Loading...

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط
error: Content is protected !!