■ بقلم: ماجد التميمي*
لا ينبغي أن يتسبب الطموح الإماراتي بالسيادة على جزيرة سقطرى كل هذا الهلع، فالجزيرة ليست تمثال أثري مهرب أو لوحه فنيه عالميه في معرض السرقة، إنها جزء من بلد ذو حضارة وهوية، وكلا الأمران يعكسان حقيقة أثرية وتاريخيه تبرز معهما كل معاني السيادة والقيمة المكانية والدولية.
مهما كان مستوى التهديد الذي يتعرض له أي بلد يحظى بهذه المقومات الكونية فانه لاعبو كونه خطرا عابرا يتلاشى في يوم ما كما تلاشت إمبراطوريات قوية وحاكمه وسط كل المتغيرات الزمنية وطوفان الشعوب الحرة.
من الغريب حقا وفي مثل هذا التوقيت أن تفكر دولة كالإمارات لبسط نفوذها عليها، والأكثر غرابة هو أن يدفعها هذا الطموح المكوكي للتفكير بالاستحواذ عليها في الوقت الذي لم تتمكن من تحرير جزرها الثلاث التي تحتلها إيران، تصرف كهذا يجعلنا نجزم بان الإمارات تريد من وراء هذا التصرف إثبات نفسها كقوة عظمى، يعني رأس برأس مع أمريكا، ووفقا لهذا المنطق الهلامي وعقلية الأبراج العالية راحت تركض خلف هذا الطموح.
سقطرى – من زاوية جغرافية -بعيده جدا وأمر حيازتها من قبل قوه ناعمة ترتكز في استعراضها على الآخرين ليس سهلا، الأمر يحتاج إلى جراءه تفتقدها الإمارات بكل تأكيد على الدوام أكدت اليمن على حق الإمارات في سيادتها على جزرها الثلاث المغتصبة، واعتبرته حقا عربيا قبل أن يكون إماراتيا، المنطق العروبي كان غالبا في هذه القضية وهو الأمر الذي لم تتخلف عنه اليمن يوما. الإمارات تجاهلت هذا الأمر بكل تأكيد.
ثمة تيار مخالف يجزم بتابعية سقطرى للقرن الأفريقي، الصومال -وبحسب قولهم – فإن مفاوضات سابقه مع اليمن الجنوبي قد تمت بهذا الخصوص، ومعللين قولهم بأن التواجد السوفيتي وقوة النظام الجنوبي الحاكم آنذاك وتمزق الصومال كلها أسباب أدت إلى طي هذا الملف وإبقاء الجزيرة في الحضن اليمني.
طيب. طالما والموضوع قد وصل إلى هذا الحد، فإن هناك خطرا حقيقيا يتهدد الجزيرة، ليس من الإمارات بكل تأكيد بل من هذا الانقسام الذي نعانيه نحن من الداخل، لقد أوجد هذا الانقسام ثغرات عديدة استغلتها بعض القوى الأجنبية، وهو ما تستند عليه الإمارات الآن.
وإذا لم تتمكن الإمارات من نيل مرادها تحت أي ظرف فإنها -بكل تأكيد – ستحاول خلق مناخ مضطرب وسوف تسعى حينها إلى التعاطي مع موضوع الجزيرة من ناحية جيوبولوتيكيه وهو ما ليس في صالح اليمن، وقتها سيطغى التفكير الاستعماري القائم على حفظ المصالح الاقتصادية.
السقطريون بعيدون عن كل هذا كحال جزيرتهم، وقد أجبرهم ظروف العيش هناك أن يحيون وفق مصالحهم، فالإصلاحات والترتيبات التي قام بها الرئيس الأسبق على عبد الله صالح داخل الجزيرة قد جعله في نظرهم نصف إله، لقد تغيرت حياتهم وفقا لمعادلة الإصلاحات، لهذا فالإمارات الآن قد أدركت مواطن الضعف الحقيقية في الجزيرة فتحاول التسلل من خلالها.
لست قلقا على سقطرى بقدر قلقي على اليمن برمته، فلو استمرت الأوضاع تمضي بهذا الشكل السي فلن نخسر سقطرى لكننا، وبلا شك، سنخسر اليمن.