حلم أخضر – تقرير: علي سالم
يتعرض حيوان الوعل في اليمن لخطر الانقراض بسبب تزايد صيده المستمر، في بعض مناطق اليمن أبرزها محافظة حضرموت، وشبوة، وأجزاء من محافظة البيضاء. وتستمر عملية اصطياده بشكل سنوي نتيجة توارث طقوس تعود الى ما قبل الميلاد.
والوعل العربي في اليمن، هو نوع نادر من الغزلان، والماعز الجبلي، وقديما جداً قبل الميلاد، كان الوعل هو الحيوان المقدس في الحضارة اليمنية القديمة، وقد ورد ذكره في النقوش السبئية القديمة. ويُعتقد أنه كان رمز إله القمر في عهد بلقيس ملكة سبأ، وقد استُخدم رأس الوعل كشعار على النّقود المعدنيّة التي تمّ العثور عليها في معبد إله القمر في مأرب في اليمن، وتشير الرّسومات الصّخريّة في اليمن إلى الانتشار الكبير للوعل النّوبي في مناطق البلاد.
لكن في الوقت الراهن، أصبح من النادر مشاهدته في الحياة البرية اليمنية، بسبب تناقص أعداده بشكل مخيف، نتيجة عمليات الصيد والقتل التي يقوم بها الصيادون المحليون في مناطق عدة في اليمن. لذلك أصبح الانسان هو المفترس الوحيد للوعل والذي يهدد حياته ووجوده بالانقراض.
صيد الوعل في حضرموت
المحبط في الأمر، أن لحم الوعل يعد اللحم المفضل لدى بعض اليمنيين، وخصوصاً في محافظة حضرموت ومحافظة شبوة، جنوبي البلاد.
وكان تقرير صحفي سابق نشرته جريدة (الحياة) اشارت الى تسلل صيادين أجانب من خارج الحدود اليمنية وتورط عناصر من وحدات الجيش اليمني في صيد الوعل. وتفيد تقارير حكومية يمنية، ان صيد الوعل في حضرموت يتم من خلال سوق “قطيعه” الى داخل “حاجز” حيث يتم قتله باستخدام الخناجر وإطلاق الرصاص.
وفي كل عام، يمثل فصل الشتاء بين شهر ديسمبر/كانون الأول، وشهر يناير/كانون الثاني، موسماً لصيد الوعل في محافظة حضرموت جنوب اليمن. إذ يعدّ تقليداً محلياً متوارثاً منذ العصر السبئي 1000- 300 قبل الميلاد. وما زالت تقام له طقوس سنوية تختتم عادة باحتفالات جماعية يشارك فيها ابناء المنطقة وتتخللها الاهازيج والرقصات التي ترفع فيها رؤوس الوعول.
وفي فبراير الفائت من هذا العام، طالبت الهيئة العامة لحماية البيئة في مدينة حضرموت الوادي، بضرورة تنظيم هواية اصطياد الوعل والحيوانات البرية، بعد تزايد مطالبات مجتمعية بضرورة إيقاف الاصطياد العشوائي للحيوانات البرية والوعل على وجه الخصوص.
وقالت هيئة حماية البيئة بحضرموت في بيان لها: «في ظل تنامي الصيد غير المنظم للوعل العربي الذي يشتهر به وادي وصحراء حضرموت، فقد سعت الهيئة العامة لحماية البيئة فرع الوادي والصحراء بالمحافظة إلى عمل محمية برية للحيوانات البرية التي تشتهر بها حضرموت، ومنها الوعل العربي»، مؤكدة أنه «تم الرفع إلى رئاسة الهيئة بمقترح لاستصدار قرار من مجلس الوزراء لإنشاء محمية برية بوادي وصحراء حضرموت».
فريق يمني لمسح الوعول
في العام 2007، أجرى فريقاً يمنياً مسحاً على منطقة الوعول في حضرموت، وأعلن ان: “أعداد الوعول في المنطقة آخذة في التناقص بوضوح، ويمكن ان تنقرض كلها إذا لم يتم اتخاذ الاجراءات المناسبة”. وأوضح الفريق أن على رغم توافر البيئة الحياتية للوعول في اليمن بشكل واسع بما يمكنهّا من النمو والتكاثر، إلا أن ارتفاع صيدها وخصوصاً الاناث منها وصغار السن يمكن أن يؤدي الى انقراضها.
وأوصى الفريق بحظر صيد الوعول في منطقة المسح لمدة خمس سنوات وتجديده خمس سنوات أخرى، إذا استدعت الضرورة، إضافة الى اجراء تعداد للوعول والتحقيق حول قيام جنود في مناطق التنقيب عن النفط والغاز بصيد الوعول. وأشار الفريق الى قدوم صيادين من خارج الحدود لصيد الحيوان. يشار الى أن من اهداف صيد الوعل في حضرموت تدريب الشباب على العيش في الصحاري.
موسم صيد الوعل
وفي حضرموت وأجزاء من شبوة، تستغرق فترة الخروج لصيد الوعل ما بين 7 إلى 8 ايام. ويعتقد أن قنص الوعل يعود الى ما كان يعرف بالصيد المقدس، وخصوصاً “صيد عثتر” الذي كانت تقام له شعائر موسمية، يتصدرها ملك سبأ ويشكل الوعل قوام هذا الطقس. وتفيد الدراسات الاثرية أن قدماء اليمنيين اتخذوا الوعل رمزاً للإله “عثـتر” إله المطر والخصب. وكان “عثتر” ممثلاً لكوكب الزهرة، ويرمز له اليمنيون القدماء بالوعل، وهو أصل رمز برج الجدي.
وما تزال منازل يمنية تزين أطرافها بقرون الوعل التي يبلغ طول قرن الذكر منها ما بين 30 و40 سنتيمتراً. وتحفل لقى اثرية برسوم للوعل في وضع القرفصاء. ويعتقد أن حضور الوعل في الزينة اليمنية القديمة عائد الى طبيعة قرونه الآخذة شكل هلال حيث يعد القمر من الآلهة اليمنية القديمة.