ماجد التميمي (حلم أخضر)
منذ المؤتمر العالمي الاول للبيئة في استكهولم العام 1972، والعالم يسعى الى ايجاد قاعدة مشتركه لتكون منطلقا للاهتمام بقضايا التنوع الحيوي، ورغم ان هناك جهودا تبذل في سبيل تحقيق هذه الغاية لكنها كانت جهودا متفاوته.
اذ لم يكن بالإمكان الخروج برئيه عالمية موحدة تسعى الى صون التنوع الحيوي وتحافظ عليه، فقد كانت هناك قضايا بيئية ينظر اليها باعتبارها بوصلة تحدد مسار ومستقبل هذا العالم كقضايا المناخ والاحتباس الحراري وقضايا الاوزون، وهو امر ازاح قضية التنوع الحيوي العالمي قليلا عن قلب المشهد.
بعد 20 عاماً من انطلاق مؤتمر استكهولم اجتمع العالم في ريو دي جانيرو بالبرازيل في مؤتمر عالمي اطلق عليه قمة الأرض وفي هذا المؤتمر الذي ناقش قضايا بيئية عديدة وقف العالم بصورة جادة على قضية التنوع الحيوي بعد ادراك عميق لما يمثله التنوع الحيوي من واسطة عقد يربط كل اجزاء الحياة ويحدد بشكل جازم الطريق الذي يسير عليه كوكبنا، فكانت الاتفاقية الدولية للتنوع الحيوي في يونيو 1992، والذي صادقت عليها اليمن بعد ذلك بثلاث سنوات.
وفي العام التالي وقعت اليمن على الاتفاقية الدولية الخاصة بالأنواع المهدده بالانقراض من مجموعة الحيوانات والنباتات، وقد شكل ذلك كله بداية لعهد جديد استشعر العالم من خلاله المخاطر التي احدقت بهذا الجانب البيئي الهام.
لقد كان لتلك التأثيرات التي احدثها السباق المحموم نحو التسلح والصناعات المتعددة والمتنوعة، بالإضافة الى الزحف البشري على موائل وبيئات تلك الاحياء والازدياد السكاني الذي شكل ضغطا كبيرا على الموارد الطبيعية وقعا سلبيا على مواطن وبيئات الاحياء فظهرت مؤشرات توحي باختلال كبير في التوازن البيولوجي والإحيائي ما يعني اختلال توازن معادلة الحياة.
ليس امرا هيناً الحديث عن موضوع صيانة التنوع الحيوي، وليس من السهل المحافظة عليه، فنحن في اليمن منذ توقيعنا على تلك الاتفاقيات لم نبذل جهدا ملموسا في الحفاظ عليه باستثناء بعض المحاولات التي اثمرت في صيانة بعض المناطق والتي اعلنت مؤخرا كمناطق محمية.
ورغم انها باتت كذلك وفق قانون الدولة، إلا اننا قد شهدنا خروقات عديدة وتجاوزا اخل بالحق الطبيعي لتلك الاماكن والتي كفلها القانون وكفله توقيعنا وعهدنا بالحفاظ عليه امام العالم، ذلك الحق الطبيعي الذي ينبغي التسليم به لأحياء تقاسمنا العيش على الارض.
يرى البعض من السذاجة بمكان ان نولي اهتماما كبيرا لهذه الاحياء، متعللين بان ما يشهده العالم من مآسي أكبر من ان نصرف انتباهنا وجهدنا لكائنات بسيطة، وهذا لغط غير صحيح، فمثلا الطحالب الخضراء المزرقه والبكتيريا السيانيه التي شكلت النواة الاولى للحياة برمتها.
هذه المخلوقات البحريه البسيطة تمنح الارض حوالي 60% من الاوكسجين بالإضافة الى قدرتها على امتصاص الكربون السام في الجو، فلو عمدنا الى تلويث البحار كما يحدث الان ودمرنا البيئات البحرية التي تشكل قاعدة لنمو هذه الأحياء، فإننا سوف نخسر هذه الكمية الهائلة من الأوكسجين والنتيجة حتما ستكون الهلاك المحقق، اذ لا يمكن العيش وسط جو مخنوق حتى لو شكل ذلك كوكب الارض بأسره.
تسعى الهيئة العامه لحماية البيئة ممثله بالوحدة الوطنية للتنوع الحيوي الى تحديث استراتيجيتها، وهي خطوة طموحة تستجلب حالة من الاهتمام وان كانت الطريق الى تنفيذها مليئة بالأسلاك الشائكة والألغام.
يقول مدير وحدة التنوع الحيوي، المهندس علي عبدالباري، ان الغاية وراء تحديث هذه الاستراتيجية هو ادماج قضية التنوع الحيوي في خطط التنمية الوطنية، وخلق نوع من العمل التشاركي بيننا وبين وحدة المناخ كرابط طبيعي لا يمكن تجاوزه، اضف الى ذلك المشاركة المنصفة للتنوع الحيوي باعتبارها موارد طبيعية لكن بصورة لا تخل بها او تدمرها، وأخيرا، استيعاب مفردات الاهداف العالمية لمؤتمر فاجادي للتنوع الحيوي المنعقد في مدينة “آيتشي” اليابانية قبل ثلاث سنوات.
إنها خطوة تستحق الشكر، لكن إن ظل الامر مجرد تحديث ورقي فقط دون الخوض في الخطوات العملية فلا خير فينا جميعا، وسنكون قد سعينا للتفريط بواجب اخلاقي قبل ان يكون واجب وطني، وان كنا لا ندرك اهمية هذه الكائنات في حياتنا، فهذا يعني اننا لا نعمل للمستقبل.