تقرير جديد يبحث مخاطر ارتفاع درجة حرارة العالم 4 درجات مئوية بنهاية القرن الحالي
حلم أخضر | تقارير البنك الدولي
كشف تقرير جديد أصدره البنك الدولي منتصف الشهر الفائت، أن العالم يمضي سريعا نحو ارتفاع الحرارة حوالي أربع درجات مئوية بنهاية القرن إذا أخفق في التصدي لتغير المناخ، مما ينذر بتغيرات كارثية تؤثر على ملايين البشر وتشمل الارتفاع الشديد في درجات الحرارة، وتقلص مخزون الغذاء العالمي، وارتفاع مستوى مياه البحار.
وذكر التقرير الذي صدر بتكليف من البنك أنه لن تنجو أي منطقة من المعاناة – وإن كان البعض سيعاني أكثر من الآخر، بيد أن الفقراء سيكونون الأكثر معاناة.
وأفاد تقرير “أخفضوا الحرارة”، الذي أعده لصالح البنك الدولي معهد بوتسدام للبحواث الخاصة بآثار المناخ والتحليلات المناخية، بأن العالم يمضي نحو ارتفاع درجة الحرارة حوالي 4 درجات مئوية بنهاية هذا القرن، وإن الوعود الحالية المتعلقة بالحد من انبعاثات غازات الدفيئة لن تحد كثيرا من هذا الارتفاع.
وفي تعقيب على التقرير، قال رئيس مجموعة البنك الدولي جيم يونغ كيم “يمكن تجنب ارتفاع حرارة العالم بأربع درجات، بل ينبغي ذلك، ونحن بحاجة إلى الحيلولة دون ارتفاع الحرارة درجتين… إن التقاعس عن التحرك إزاء تغير المناخ يهدد بأن يكون العالم الذي سنتركه لأطفالنا مختلفا تماما عن العالم الذي نعيشه اليوم. فتغير المناخ هو واحد من أكبر التحديات التي تواجه التنمية، ونحن بحاجة إلى تحمل المسؤولية الأخلاقية عن التحرك بالنيابة عن الأجيال القادمة، لاسيما أشد السكان فقرا.”
ويقول التقرير إن سيناريوهات الدرجات الأربع يمكن أن تكون مدمرة: غرق المدن الساحلية، وزيادة المخاطر التي تواجه إنتاج الغذاء ما قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات سوء التغذية، وتحول الكثير من المناطق الجافة إلى مناطق أكثر جفافا، والكثير من المناطق الرطبة إلى مناطق أكثر رطوبة، وارتفاع درجات الحرارة في عديد من المناطق بمعدلات غير مسبوقة وخاصة في المناطق المدارية، وتفاقم ندرة المياه في كثير من المناطق، وزيادة حدة الأعاصير المدارية، وفقدان التنوع البيولوجي بما في ذلك منظومة الشعاب المرجانية.
وأوضح جون شيلنهوبر، مدير معهد بوتسدام، أن “استجابة نظام الأرض لتغير المناخ ينقصه المسار الخطي المنتظم… وإذا تخطينا حاجز الدرجتين، نحو خط الأربع درجات، فإن خطر تجاوز نقطة التحول يزداد بشدة. والسبيل الوحيد إلى تجنب ذلك هو الخروج عن النمط السائد للإنتاج والاستهلاك.”
ومع هذا يشير التقرير إلى أن ارتفاع حرارة العالم أربع درجات ليس حتميا، وأنه مع مواصلة سياسات العمل تظل هناك إمكانية لكبح جماح الزيادة في درجات الحرارة إلى مادون الدرجتين، وهو الهدف الذي تبناه المجتمع الدولي والذي يتسبب بالفعل في بعض الخسائر الخطيرة والمخاطر على البيئة والسكان.
وعن هذا الوضع، قال كيم “على العالم أن يتعامل مع مشكلة تغير المناخ بشكل أكثر صرامة… فالمزيد من جهود التكيف والتخفيف من آثار تغير المناخ أساسية، كما أن الحلول ممكنة. إننا نحتاج إلى استجابة عالمية تضاهي ضخامة مشكلة المناخ، استجابة تضعنا على مسار جديد من التنمية المناخية الذكية والرخاء المشترك. لكن الوقت قصير للغاية.”
وقد وجدت جهود البنك الدولي على صعيد النمو الشمولي المراعي للبيئة أنه مع استخدام الطاقة والموارد الطبيعية بصورة أكثر فعالية وذكاء تظهر فرص للحد بدرجة كبيرة من تأثير المناخ على التنمية، دون أن يؤدي هذا إلى تعطيل جهود التخفيف من حدة الفقر أو النمو الاقتصادي.
وفي هذا الصدد، قالت راشيل كايت، نائبة رئيس البنك الدولي لشؤون التنمية المستدامة “في حين يسلك كل بلد دربا مختلفا نحو النمو الأكثر مراعاة للبيئة، ويوازن بين احتياجه للحصول على الطاقة وبين استدامة هذه الطاقة، فإن أمام كل بلد فرصة للنمو المراعي للبيئة لكي يقتنصها.”
ويمكن أن تتضمن هذه المبادرات: الاستخدام الأفضل لأكثر من تريليون دولار من الدعم المقدم للوقود الأحفوري والمواد الضارة الأخرى، إدخال حسابات رؤوس الأموال الطبيعية في الحسابات الوطنية، زيادة الإنفاق العام والخاص على البنية الأساسية المراعية للبيئة لتتمكن من الصمود أمام الأحوال المناخية الصعبة، شبكات النقل العام الحضرية المصممة للحد من الانبعاثات الكربونية وتعظيم سبل الحصول على الوظائف والخدمات، مساندة أنظمة تسعير الكربون والتبادل التجاري للانبعاثات على المستوى الوطني والدولي، زيادة كفاءة الطاقة- خاصة في البنايات- وزيادة نصيب الطاقة المتجددة التي يجري إنتاجها.
وأضافت كايت “هذا التقرير يؤكد حقيقة أن التقلبات المناخية الحالية تؤثر على كل ما نفعله… وسنضاعف جهودنا لبناء القدرة على التكيف مع تغير المناخ والمرونة حياله، وكذلك لإيجاد الحلول الضرورية لتغير المناخ.”
“أخفضوا الحرارة: لماذا يجب تفادي ارتفاع درجة حرارة الأرض 4 درجات مئوية”، هو تقرير يلخص العديد من العواقب المناخية المباشرة وغير المباشرة التي تنجم عن المسار الذي تتخذه الانبعاثات الغازية في العالم حاليا. وتشمل النتائج الرئيسية للتقرير ما يلي:
• كثير من مناطق العالم ستشهد خلال شهور الصيف كلها تقريبا موجات من الحر الشديد لا تحدث عادة سوى مرة واحدة خلال مئات السنين إذا لم يكن هناك احترار عالمي. ولن يكون توزيع آثار هذه الموجات متساويا. وستحدث أكبر الارتفاعات في درجات الحرارة فوق اليابسة وتتراوح بين 4 و10 درجات مئوية. ويتوقع أن ترتفع درجات الحرارة من ست درجات مئوية فأكثر في مناطق البحر المتوسط وشمال أفريقيا والشرق الأوسط وأجزاء من الولايات المتحدة.
• من المرجح أن يرتفع مستوى مياه البحار من نصف متر إلى متر بحلول عام 2100، مع إمكانية حدوث ارتفاعات أكثر من ذلك. بعض المدن الأكثر تعرضا لآثار هذه الظواهر تقع في موزمبيق ومدغشقر والمكسيك وفنزويلا والهند وبنغلادش وإندونيسيا والفلبين وفيتنام.
• أكثر المناطق تعرضا لهذه الآثار تقع في المناطق الاستوائية والمدارية والقريبة من القطبين حيث يرجح أن تجتمع الكثير منها معا.
• من المرجح أن تتأثر الزراعة ومصادر المياه وصحة الإنسان والتنوع البيولوجي وخدمات المنظومة الإيكولوجية بشدة من جراء هذه الآثار. وقد يؤدي ذلك إلى نزوح أعداد كبيرة من السكان وإلى عواقب جمة على أمن البشرية والأنظمة الاقتصادية والتجارة.
• قد لا يستطيع العديد من الجزر الصغيرة الاحتفاظ بسكانها.
ويؤكد التقرير على أن العلم قاطع في تأكيده على أن البشر هم سبب الاحترار العالمي وأن التغيرات الكبرى قد بدأت تلوح بالفعل. وقد واصل متوسط درجة الحرارة في العالم الارتفاع وترتفع الحرارة الآن 0.8 درجة مئوية عن مستوياتها قبل الثورة الصناعية.
وفي حين لا يبدو ارتفاع درجة حرارة الأرض 0.8 درجة مئوية كبيرا، يشير التقرير إلى أن الكثير من آثار تغير المناخ قد بدأت تظهر بالفعل، وأن ارتفاع الحرارة من 0.8 إلى درجتين مئويتين أو أكثر من ذلك سيشكل تغيرات أكبر. ولكن ارتفاع متوسط درجة الحرارة 4 درجات يقترب من المستوى التاريخي المعروف للتغير على كوكبنا والذي يذكر بالعصر الجليدي الحديث عندما اختفت أوروبا الوسطى وشمال الولايات المتحدة تحت طبقة سمكها كيلومترات من الجليد، وانخفض متوسط درجات الحرارة في العالم بين 4.5 و7 درجات مئوية. ويشير التقرير إلى أن هذا التغير المناخي الناجم عن عوامل بشرية معاصرة يحدث على مدار قرن من الزمن وليس آلاف السنين.
وفي هذا الخصوص، قالت كايت “كلف البنك معهد بوتسدام لبحوث الآثار الخاصة بتغير المناخ والتحليلات المناخية بإجراء تحليل مختصر لأحدث علوم المناخ كوسيلة لتحسين فهم الآثار المحتملة لارتفاع الحرارة 4 درجات في البلدان النامية.”
واليوم، يساعد البنك الدولي 130 بلدا على التصدي لتغير المناخ. وقد ضاعف البنك خلال العام الماضي قروضه المالية التي تسهم في رفع القدرة على التكيف مع آثار تغير المناخ. ويدير البنك الدولي صناديق الاستثمار في الأنشطة المناخية التي يصل رأسمالها إلى 7.2 مليار دولار وتعمل في 48 بلدا، ويجلب نحو 43 مليار دولار إضافية من الاستثمارات النظيفة. ويساند البنك بشكل متزايد الإجراءات التي تتخذ على أرض الواقع لتمويل المشاريع التي تساعد الفقراء على الخروج من دائرة الفقر، وزيادة مرونتهم إزاء تغير المناخ، وتحقيق انخفاض في الانبعاثات الغازية.
* يمكنكم الحصول على نسخة من تقرير “خفضوا الحرارة” من الموقع التالي: www.climatechange.worldbank.org