حلم أخضر | بقلم:عمر السبع*
قد يعتقد بعض أنّ التلوثَ البيئي في الدول النامية أو دول العالم الثالث، نسبته بسيطة جداً ولا تستدعي التهويل من شأنه والاهتمام به واللهث وراء معالجته.
بيد أنّ المؤشرات الإحصائية تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أنّ التلوث البيئي في هذه الدول النامية والفقيرة على وجه الخصوص، نسبته عالية ومخيفة جداً، ليس لأنّها دول صناعية، بل لأنّ أكثر الصناعات المستخدمة في هذه الدول تعتمد على تقنيات وتكنولوجيات قديمة.
وأنّ هذه المصانع تنفث كثيراً من السموم في الهواء والتربة الزراعية ومياه البحر.. وأنّ أسلوب معالجة الملوثات في البر والبحر والجو في هذه الدول النامية ضعيف جداً.
ولا يرقى بتعامله ومعالجته مع حجم المشكلة، لأنّ تكنولوجيات وطرق المعالجة لهذه الملوثات باهظة الثمن.
وهذا ما لا تقدر عليه هذه الدول النامية لقلة مخصصاتها المرصودة لمعالجة القضايا البيئية، وعدم وجود الخبراء المحليين والكادر المؤهل لمعالجة قضايا البيئة الشائكة.
وأهمها نقاء البيئة والمحافظة عليها من مخاطر التلوث، ولاعتمادها الرئيس في هذا الجانب على الخبراء الأجانب وعلى هبة الدول المانحة.
فالجمهورية اليمنية، هي من تلك الدول التي لديها صناعة استخراج النفط وتكريره، ولديها صناعة الإسمنت وصناعة طحن الغلال، وصناعة السجائر والصناعات المطاطية.
وتستخدم المبيدات في الزراعة وتتعامل مع النفايات الصلبة والنفايات الطبية بالأساليب التقليدية، ولا تزال المركبات القديمة التي تعتمد محركاتها على الديزل تنفث غازاتها السامة في عموم محافظات الجمهورية.
فالغازات الضارة من غاز أول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكربون تملأ المكان في العاصمة صنعاء والمحافظات الرئيسة.
ناهيك عن ظاهرة التصحر في الجمهورية اليمنية وتراجع الغطاء النباتي بسبب انخفاض مناسيب مياه الأمطار، ما أدى إلى ارتفاع نسبة الملوحة في الأرض وفي الأحواض المائية.
واستخدامات المياه النقية المتوافرة في الحياة المنزلية، وفي الصناعة وفي الزراعة، لاسيما زراعة القات التي تستحوذ على المياه العذبة وتفاقم من انخفاض مناسيب المياه الجوفية في أحواض صنعاء وضواحيها، مما يدق ناقوس الخطر في المنطقة برمتها.
فاليمن أصلاً تعاني من ندرة المياه ونصيب الفرد فيها يقع تحت مستوى خط الفقر المائي، أي أقل من ألف متر مكعب، فالمشكلة لا تزال قائمة وشبح الفقر المائي يستفحل أكثر فأكثر.
إنّ تجميل المدن اليمنية بزراعة الأشجار قد يساعد على نقاء البيئة ويحد من مخاطر تلوث الهواء، حيث تنطوي عمليات التشجير على إمكانيات عزل الكربون، الغاز الخطر في ظاهرة الاحتباس الحراري.
وقد ينعم الجميع بالصحة والحيوية.. بيد أنّ الوعي البيئي وترشيد استهلاك المياه والبحث الدؤوب عن وسائل جديدة للحصول على المياه النقية والاعتماد على الزراعات العضوية والحد من استخدام المبيدات الخطرة.
فضلاً عن استخدام الهبات الممنوحة من الدول الغنية بشكل صحيح واعتماد الإرشادات العامة وتنفيذ الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية سيساعد بالتأكيد من مخاطر التلوث بشكل عام وسينعم الجميع بنقاء البيئة والصحة العامة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
* باحث مختص في محافظة عدن – 14 أكتوبر.