بقلم: محمد الحكيمي
لا يحب اليمنيين ممارسة رياضة التسلق أو الطيران الشراعي، بالرغم أن جبال محافظتي المحويت وإب مثلا، مناسبة تماماً لذلك، وبالنسبة للبعض فإن الاستحمام في حمامات “العيون الحارة” قد تبدو ملائمة بعض الشيء، خصوصا أن عيون المياه الكبريتية تتواجد في عدد من مناطق الضالع وتعز جنوبي اليمن، فضلاً عن تلك الحمامات التركية الشهيرة التي تعمل بالوقود.
لدى اليمن الكثير من العجائب، وعندما يتعلق الأمر بالبيئة، ستكتشف أن أغرب شجرة في العالم كانت من حظ اليمن، وكم هو مدهش، أن تقف أمام شجرة نادرة وضخمة للغاية يقدر عمرها حوالي 2000 عام، ولها جذع ضخم يشبه جلد الفيل، في حين يصل محيطها لأكثر من 22 متراً، ويتجاوز ارتفاعها 5 أمتار، ولها فروع على هيئة حيوانات كالزرافة. تلك الشجرة التي يطلق عليها السكان المحليين اسم شجرة “الغريب” التي توجد في منطقة “دبع” إحدى بلدات تعز.
بحسب أحد المختصين، سميت شجرة “الغريب” بهذا الاسم، كونها شجرة غريبة الشكل، ليس لها نظير في العالم، ولونها لون جسم الفيل، وهي ذائعة الصيت كونها أغرب الاشجار التي لا مثيل لها واسمها العلمي “الكولهمة”.
السياح الأجانب مثلاً، يعرفون عن طبيعة اليمن ما لا نعرفه نحن اليمنيين، لدرجة أن المختصين ما يزالون في حيرة من أمرهم فيما يخص حقيقة الهجرة من اليمن إلى العالم والعكس. كون معرفة الهجرة تفسر سر التنوع الحيواني اذا ما كان مستوطناً أو مهاجراً، وليس البشري وحسب.
الخبير الأميركي، الدكتور “نورمان ويلن”، وهو رئيس الفريق الأثري في جامعة شيكاغو الأميركية، يرى أن مسألة الهجرات اليمنية قد تمت عبر باب المندب في العصر الحجري الأعلى.
إن الخبير “ويلن”، واحداً من علماء الغرب، الذين يدركون الخصوصيات الطبيعية المتفردة والشخصية التي تمتاز بها مناطق تعز، وهي ميزة أرض لم يكن لنا فيها أية خيار.
لعل بمقدور “ماجي” أن تصف لك شيئاً أو شيئين، و”ماجي” هذه هي شابة فرنسية اختارت المكوث في منطقة “النشمة” البلدة الصغيرة في ريف تعز، من أجل دراسة سلوك المرأة الريفية المعتمدة على الطبيعة في اليمن، وأثناء تحضيرها لرسالة الماجستير، اضطرت الشابة الفرنسية المكوث مع اسرة ريفية مكونة من 3 نساء يعولها شيخ طاعن في السن، في أحد بيوت منطقة “النشمة”، طيلة 4 سنوات.
قالت لي “ماجي”، قبل مغادرتها اليمن، أن “الأجانب لا يكتفون بزيارة 150 موقعاً من مواقع السياحة البيئية والأثرية التي تزخر بها تعز، والتي زرتها كلها..إنهم يفتشون عن الجمال الطبيعي الذي لا تدركونه أنتم اليمنيين”.
هذا صحيح، فنحن لا ندرك ندرة البيئة الطبيعة الذي اعتدنا رؤيتها، إلا بعد أن نعيد النظر في اكتشاف مزاياها الفريدة.
تخيلوا مثلاً أن السرطانات البحرية في العالم كله توجد في بيئة البحر الساحلية، لكننا في جزيرة سقطرى، نملك نوعاً غريباً وكبير الحجم من السرطانات النادرة التي لا توجد في العالم، فسرطانات سقطرى تعيش في مناطق الجبال ولا تعيش في المياه العذبة وينام هذا النوع النادر من السرطانات في المناطق الجبلية الكلسية وتحديداً في الكهوف ولا يخرج إلا في المساء فقط.
وطبقاً للبروفيسور “فولفجانج ورانيك” أستاذ التنوع الحيوي في جامعة “روستن” الالمانية، فأن الزواحف والثعابين الموجودة في جزيرة سقطرى، تمثل اكتشافاً علمياً مدهشاً يختلف عن كل ما عرفه الناس، فقد اكتشف “وارنيك” أن زواحف وثعابين سقطرى ليست سامة.
يقول “ورانيك” أن هناك نوع من العقارب يعد الأخطر في سقطرى وهو سام ويصل طوله إلى 15 سم، يطلق المواد السمية من فمه بعكس العقارب التي تطلق السم من ذيلها. لكن المدهش أن هذا العقرب لا يقتل الإنسان.
إن سقطرى هي أعجوبة اليمن المنسية، فهي تضم أكثر من 900 نوع من الكائنات النادرة، القادرة على الافصاح عن كثير من الأسرار والكنوز الطبيعية الفريدة والمدهشة التي تحتفظ بها الجزيرة، وهي بذلك أضحت إرثا طبيعيا مصونا للإنسانية التي افتقدت صلتها بخصائص النشأة الأولى للأحياء النباتية والحيوانية والبحرية في كوكبنا الأرضي.