حلم أخضر – تقرير خاص
تعد تربية النحل وإنتاج العسل من الحرف القديمة جداً، التي عرفتها اليمن منذ العصور القديمة، ويعود تاريخ النحالة اليمنية إلى القرن العاشر قبل الميلاد. بحسب ما ذكرته دراسة صادرة عن جامعة حضرموت. (1)
وقد ارتبط تاريخ النحالة اليمنية بازدهار الحياة الاقتصادية لدولة حضرموت في ذلك الوقت. وتشير المصادر والبيانات الاحصائية إلى أن تجارة العسل كانت تحتل المرتبة الرابعة في اقتصاديات اليمن في العصر الحديث.
وعلى امتداد القرون الماضية اهتم اليمنيون بتربية النحل حتى اليوم. ويتمتع العسل اليمني بمكانة مرموقة، وشهرة تجارية كبيرة، لاسيما عسل السدر (العلِب) المنتج في وادي دوعن بحضرموت، ومنطقة جردان في شبوة. إذ يعتبر من أغلى وأجود أنواع العسل في العالم.
مزايا سلالة النحل اليمني
تعد سلالة النحل اليمني، إحدى سلالات النحل الافريقي، وهي من السلالات الأصغر حجماً، والتي تعيش نقية في الجبال والوديان. وهي تعد السلالة الوحيدة التي تتبع نحل العسل العالمي. (2)
تتميز طوائف النحل اليمني القوية، بقدرة عالية على مقاومة الأمراض والآفات، مثل مرض حلم الفاروا Varroa jacobsoni، ومرض عثة الشمع Wax moths. بالإضافة إلى قدرتها على التأقلم السريع مع مختلف الظروف كلما جرى نقلها من منطقة جغرافية الى آخري.
ومن الصفات المميزة لطوائف نحل العسل اليمني، هي السلوك الصحي وسرعة النحل في التخلص من حضنه الشغالات الميتة. كما أن النحل اليمني هي التي تبني خلايا العسل بنفسها دون تدخل النحالين، كما هو الحال في بعض الدول الأخرى.
تشير دراسة (خنبش، 2019) إلى عدد من المزايا الفريدة التي يتمتع بها النحل اليمني، حيث تتميز سلالة نحل العسل اليمني بالعديد من الصفات المورفولوجية التالية:
- النحل اليمني له قدرة عالية على التأقلم مع الظروف البيئية السائدة الحية وغير الحية.
- تتميز سلالة النحل اليمني بحجمها الصغير.
- تكون قصيرة اللسان بالمقارنة بالسلالات الأخرى.
- الأجنحة والأرجل قصيرة نسبياً، وذات بطن مغزلية.
- ملكات النحل اليمني تضع البيض طوال العام، بما يتناسب مع مساحة حبوب اللقاح المخزونة في الطوائف.
- تمتاز شغالات النحل اليمني بأنها هادئة ومنتجة للعسل وبالنشاط عند جمع الغذاء.
- لها قدر من الثبات النسبي في وضع البيض وتطور الطوائف وتخزين حبوب اللقاح.
- يمتاز النحل اليمني بإنتاج الأقراص الشمعية الناصعة البياض.
- طوائف النحل اليمني تعرف بكثرة التطريد والهجرة.
- تبني عيونا سداسية أقل عمقا وأصغر قطرا من النحل العالمي.
يصل متوسط انتاج نحل العسل اليمني من البيض ما بين 537 – 1200 بيضة في اليوم، حيث تبلغ كمية الحضنة اقصاها خلال شهري أكتوبر/تشرين الأول، ونوفمبر/تشرين الثاني وتبلغ أدنى مستوى لها في يناير/ كانون الثاني.
وتنتشر حضانة الذكور طوال العام. ويلاحظ تواجد الذكور بأكبر معدل في شهري أكتوبر/تشرين الأول، ونوفمبر/تشرين الثاني وبشكل اقل في بقية الشهور.
مزايا العسل اليمني
تكمن الميزة الفريدة للعسل اليمني في كونه يُصنف كعسل ذو صفة دوائية، وله قيمة علاجية وغذائية عالية. ويمتاز بمذاق لذيذ ونكهة طيبة وألوان داكنة. ومن مميزات العسل اليمني الهامة هي احتفاظه بخواصه الطبيعية من حبوب اللقاح وغذاء الملكات وغذاء النحل.
وطبقاً لأحد التقارير، تختلف مهنة النحالة في اليمن عما هي عليه في بقية دول العالم، فهي تعتمد على التنقل طيلة العام لمدة 7- 8 مرات، ولا تستخدم أي كيماويات لمكافحة الآفات والأمراض التي تصيب النحل، ما يجعل العسل المنتج طبيعيًّا.
وتعد سلالة النحل اليمني مستوطنة في اليمن منذ آلاف السنين، وهي لا توجد في أي مكان آخر، لكن خلال العقود الأخيرة، تم نقلها وتربيتها في دول عدة منها: سلطنة عمان، والمملكة العربية السعودية.
وتشير وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية، في إحدى تغريداتها في أغسطس/آب 2015، أن من أشهر سلالات النحل التي تم تربيتها في المملكة العربية السعودية، هي: سلالة النحل اليمني، إلى جانب سلالات كرنيولية وايطالية.
من أشهر سلالات النحل التي تربى في #المملكة : سلالة النحل اليمني، وسلالة النحل الكرنيولي، وسلالة النحل الإيطالي. pic.twitter.com/7CsVfkVYDu
— وزارة البيئة والمياه والزراعة (@MEWA_KSA) August 22, 2015
تراجع إنتاج العسل اليمني
تشير سجلات الاحصاء الزراعي، إلى أن عدد طوائف النحل في اليمن قد تضاعف حوالي ثلاث مرات خلال السنوات العشر الأخيرة من القرن العشرين.
وينتج العسل اليمني في 21 محافظة يمنية، أكبرها انتاجاً هي محافظات: حضرموت، وشبوة، وأبين، والحديدة. على التوالي.
ووفقاً لبيانات وزارة الزراعة العام 2004، وصلت عدد طوائف النحل حوالي أكثر من مليون طائفة، وكان إجمالي إنتاج اليمن من العسل يبلغ حوالي 5,000 طن سنوياً، في حين بلغ إجمالي العسل المصدر 350 طن في العام 2004.
لكن، خلال السنوات الست الماضية، أدت الحرب واستمرار المعارك، ومعها الفيضانات والسيول، إلى تدمير وجرف الالاف من خلايا النحل اليمني. وتكبد النحالة اليمنيين خسائر فادحة. إذ اعاقت المعارك قدرتهم على التحرك ليلاً وخصوصا المعارك التي دارت في محيط مراعي النحل في الحديدة وتعز وشبوة وغيرها.
كما أن القيود المفروضة من قبل التحالف بقيادة السعودية، على حركة التجارة الخارجية، واغلاقها المنافذ الحدودية لليمن، أعاقت امكانية تصدير المنتجات الى خارج البلاد. وساهمت في تدهور تجارة العسل اليمني.
ونتيجة لذلك، تراجع انتاج العسل اليمني، فبحسب البيانات الحديثة لإدارة الإنتاج الحيواني (حصل حلم أخضر على نسخة منها)، فقد بلغت كمية انتاج العسل اليمني حوالي 2,380,567 كجم في العام 2018. في حين ان كمية انتاج العسل اليمني بلغت حوالي 2,646,617 كجم في العام 2014.
ويعمل في اليمن أكثر من 90 ألف نحال، وطبقاً لبيانات الإنتاج الحيواني بوزارة الزراعة للعام 2018، فإن اجمالي عدد خلايا النحل اليمني بلغت 1,246,562 مليون خلية، ويصل معدل الإنتاجية حوالي 1.948 كجم/خلية.
توصي دراسة أعدها الدكتور محمد سعيد خنبش من جامعة حضرموت، على ضرورة الحفاظ على سلالة النحل اليمني نقيةً في مناطق معزولة، وضرورة إعداد البرامج لتحسينها، وإنشاء محطات تربية الملكات لإمداد النحالين بها لتحسين إنتاجهم. (3)
أنواع العسل اليمني: (4)
عسل السدر: يستخرج من أشجار (الِعلب)، ويعد أجود أنواع العسل في اليمن والعالم على حد سواء. وهو الأغلى سعراً. يصل سعره في السوق العالمي حوالي 150 دولار أمريكي للكيلو الجرام الواحد. ومحلياً يتراوح سعره بين 50 – 60 ألف ريـال يمني (ما يعادل قرابة 100 دولار).
عسل السُمر: تنتج النحل اليمني هذا العسل من أشجار الطلح، وهي أشجار شوكية تنتشر بكثافة في كل أنحاء اليمن كمحافظة حضرموت وبعض المناطق الجبلية في محافظات: آب، ذمار، صنعاء وتعز، وغيرها.
عسل الصال: وهو المنتج من أشجار الأثل، ويعرف بطعمه اللاذع الذي يترك حرقة في الحلق تدوم بعد تعاطيه لساعات طوال. بحسب وصف بائعي العسل.
عسل سلام: يستخرج النحل اليمني هذا النوع من أزهار أشجار السلم التي تتواجد غالباً في منطقة تهامة على سواحل البحر الأحمر غرب اليمن، ومن جبال محافظة المحويت المشهورة بتنوع غطائها النباتي، وأشجار السلم شبه صحراوية وتزهر في شهر مارس من كل عام.
العسل الجبلي الأبيض: وتستخرجه النحل من زهور عدة شجيرات وحشائش جبلية، ويعرف بتجمده السريع حتى يصبح كالسكر. وتزهر أشجاره في شهر أيلول/سبتمبر من كل عام.
عسل المراعي: ينتج عسل المراعي في معظم أيام السنة، ويرعى النحل من أشجار وأزهار متعددة، وهو عسل ذو جودة لا بأس بها ويتميز بأسعاره المناسبة.
المراجع والمصادر:
(1) – محمد سعيد خنبش، دراسة بعنوان: “حلم الفاروا والنحل اليمني”، مركز نحل العسل، جامعة حضرموت للعلوم والتكنولوجيا. اليمن، يونيو/حزيران 2004.
(2) – محمد سعيد خنبش، ملخص مقالة “دراسات على النحل اليمني”، منظمة المجتمع العلمي العربي، 20 مايو/آيار 2019.
(3) – كتاب الإحصاء السنوي، إدارة المعلومات والاحصاء، وزارة الزراعة والري، اليمن. 2018.
(4) – مدونة متجر العسل اليمني.