fbpx

اليمن: أثر التغير المناخي على إنتاج المحاصيل

حلم أخضر – فريق YSEU

يعاني الإنتاج الزراعي في العديد من الأقاليم اليمنية، من الآثار السلبية لارتفاع درجات الحرارة، وازدياد التقلبات في درجة الحرارة، وازدياد وتيرة موجات الجفاف والفيضانات.

كما يعاني الإنتاج الزراعي أيضاً من كثافة الظروف المناخية المتطرفة، وارتفاع مستويات البحار، وتملّح الأراضي القابلة للزراعة والمياه العذبة.

ومع تكثّف تأثيرات التغير المناخي على الزراعة، ستزداد صعوبة زراعة المحاصيل، وتربية الحيوانات، وإدارة الغابات وصيد الأسماك بالطرق ذاتها وفي الأماكن ذاتها كما في الماضي. [1]

وبالتالي فإن وقوع اليمن ضمن مناخ جاف وشبة جاف، يعد من أبرز الأسباب التي تؤثر على مناخ اليمن بشكل عام.

وبالتوازي مع شحة مصادر المياه، حيث تتصف كمية الأمطار بالندرة وتذبذب سقوطها، يؤثر الأمر على إنتاجية القطاع الزراعي في البلاد.

حقول زراعية في يريم وسط اليمن © حلم اخضر

تراجع المساحة المحصولية

تقدر مساحة الأراضي الزراعية في اليمن، بحوالي 1,6 مليون هكتار من إجمالي مساحة البلاد المقدرة بـ 45,55 مليون هكتار.

منها 51 % أراضي مطرية، و31% أراضي مروية من الآبار، و10% أراضي مروية من الفيضانات، و 6 % أراضي مروية من السدود، و 2% أراضي مروية من الينابيع. [2]

تتسم الزراعة في اليمن بالتنوع نظراً لتباين الخصائص المناخية الناتجة عن تفاوت معدلات الأمطار ودرجات الحرارة.

غير أن التغيرات المناخية في السنوات الأخيرة، أثرت بشكل كبير على إنتاجية المحاصيل في مواسمها، وتراجعت مساحة الأراضي ومنها الإنتاج الزراعي.

تشير بيانات الجدول (1)، إلى انه خلال العقد الاخير 2010 – 2020 وبفعل التغيرات المناخية -بالإضافة الى تداعيات الحرب والصراع- تراجعت المساحة المحصولية في الاراضي الزراعية باليمن من 1,6 مليون هكتار العام 2010، إلى أن وصلت أدناها في العام 2018.

وان عاودت الارتفاع بشكل طفيف خلال العامين 2019–2020، مستقرة عند حوالي 1.2 مليون هكتار، وهي تمثل معدل تغير قدره (- 26.9 %) مقارنة مع العام 2010.

جدول (1) تراجع المساحة المحصولية في اليمن/ المصدر: الجهاز المركزي للاحصاء

وبالتالي فإن هذا الانخفاض في المساحة من شأنه التأثير على إنتاجية القطاع الزراعي الذي يشكل مصدراً أساسياً لتوفير جزء كبير من احتياجات السكان من الغذاء خاصة في المناطق الريفية.

 كما أن القطاع الزراعي يعد من القطاعات الهامة للحفاظ على التوازن البيئي إضافة إلى مساهمته في تحسين الدخل للمزارعين والحد من الفقر.

محاصيل الحبوب في حقول صنعاء © تصوير حلم اخضر

تأثير المناخ على محاصيل الحبوب

حسب الجدول التالي رقم (2)، احتلت المساحات المطرية المزروعة بالمحاصيل الموسمية مساحة كبيرة، والتي تقدر كمتوسط للدول العربية بـ 82.5%.

تختلف الظروف الموسمية من دولة لأخرى، وتختلف ظروف إنتاجها الزراعي، والتأقلم على المناخ للمحاصيل الزراعية، وكذلك التغيرات التي تطرأ عليها.

كان متوسط اليمن خلال الفترة (2010- 2011) 58 %، حينها كان اليمن ثالث دولة من الدول العربية الأقل إنتاجاً للحبوب بعد لبنان والعراق بنسبتين 34.5- %34 على التوالي حسب التغيرات الموسمية.

جدول (2) نسبة مساحة المحاصيل الموسمية المزروعة بالزارعة المطرية بالدول العربية/المصدر: ACSAD

تحتل محاصيل الحبوب في اليمن 57.1% من إجمالي المساحة المزروعة سنوياً، وتعتمد معظمها على الأمطار.

وتتذبذب هذه المساحة من سنة إلى أخرى، بحسب كمية الهطول المطري. ففي العام 2007 وصلت إلى 891 ألف هكتار. وتناقصت إلى 784 ألف هكتار العام 2011.

وفي العام 2015، وصلت مساحة الحبوب 585 ألف هكتار. وتناقص إنتاج الحبوب من حوالي 909 ألف طن العام 2012 ليصل إلى 863 ألف طن بالعام 2013.

ثم ازداد التناقص إلى 459 ألف طن في العام 2015، بفعل تناقص الإنتاج نتيجة شحة الأمطار والتغيرات المناخية، ونقص الأصناف المحسنة المتأقلمة للظروف المطرية، إضافة إلى عدم توفر البذور النقية وبكميات كافية.

وتشغل الذرة الرفيعة والدخن والقمح أكبر مساحة على مستوى الجمهورية اليمنية، والتي تقدر بـ %60، 15%، 13% على التوالي من مجمل المساحة المزروعة بالحبوب العام 2015. [3]

المزيد من المشاركات

يوضح الشكل رقم (3) أن متوسط إجمالي إنتاج الحبوب في اليمن، بما فيها القمح والذرة الرفيعة والذرة الشامية في تذبذب يميل للتناقص في معظم السنوات، وبنسبة تصل 0.88 خلال الفترة 2015- 2020.

ويعزى ذلك إلى عدة أسباب تتركز في التغيرات المناخية المتعاقبة، وارتفاع درجة الحرارة، وتذبذب كمية الهطول المطري والتي أثرت بشكل كبير على الإنتاج.

أيضاً ساهم ارتفاع أسعار الوقود على عمليات الإنتاج والنقل للمنتج الزراعي. وعزوف العديد من منتجي القمح والذرة من زراعتها بسبب تدني الجدوى من إنتاجها. إضافة إلى تبعات الحرب القائمة على مجمل النشاط الزراعي.[4] 

شكل (3) مساحة وإنتاجية محاصيل الحبوب في اليمن/ المصدر الجهاز المركزي للاحصاء
اراضي متصحرة جنوب اليمن © تصوير حلم اخضر

المناخ يؤثر على المناطق الزراعية

تعد اليمن أكثر بلدان العالم عرضة لمخاطر التغير المناخي لعدة أسباب منها: الفقر والجهل وغياب الاستقرار السياسي، واستمرار الحرب والهشاشة، وكذا نقص الموارد المالية لمواجهة هذه المشكلة.

إذ اضحت اليمن من أكثر البلدان عرضة للتغيرات المناخية، ويتجلى ذلك من التأثيرات على الموارد المائية والزراعية، وخاصة بالمناطق الساحلية.

وتحتل اليمن المرتبة 30 بين الدول الأكثر ضعفاً، والمرتبة الـ 17 بين الأقل استعدادا لمواجهة آثار تغير المناخ، ولعل موجة التغيرات المناخية التي شهدتها البلاد، أحبطت جهود الأمن الغذائي جراء تضرر العديد من الأراضي بالفيضانات، في حين عانت مناطق أخرى من الجفاف.

ففي العام 2021، تم الإبلاغ عن هطول أمطار غزيرة في معظم المحافظات مما أدى إلى حدوث سيول مفاجئة في محافظات: عدن، حضرموت، حجة، لحج، أبين، ذمار، مأرب، والبيضاء.

وترافقت العواصف الممطرة -في بعض الحالات- مع موجة صقيع، مما تسبب في أضرار واسعة بالخضروات، لا سيما في المرتفعات الوسطى (الأجزاء الشمالية من محافظة إب والجنوبية من محافظة ذمار).

وفي غضون ذلك، ساهمت تغيرات الطقس المفاجئة على انتشار الأمراض التي تصيب الخضار والفاكهة، وبعد نهاية فصل الشتاء أدى الجفاف والزيادة في درجات الحرارة إلى انخفاض رطوبة التربة مما أثر سلباً على الأنشطة الزراعية وخاصة على صغار المزارعين.

كما أدت زيادة تكلفة ضخ المياه للري بسبب نقص الوقود وارتفاع أسعار المدخلات الأخرى إلى زيادة إعاقة الإنتاج الزراعي. [5]

ريف محافظة صنعاء © تصوير حلم أخضر

السياسات والحلول المقترحة:

لضمان استمرارية إنتاجية القطاع الزراعي والأمن الغذائي في اليمن، تعد القدرة على التكيف مع تغير المناخ أمراً ضرورياً لمواجهة الصدمات المناخية.

فعلى الرغم من الجهود لتخفيف حدتها إلا أنها غير كافية، وبالتالي لابد من تعزيز القدرة على الصمود والتكيف، والسعي لتحقيقه بالتوازي مع الجهود العالمية لتخفيف آثار تغير المناخ، والانتقال إلى مستوى منخفض من انبعاثات الكربون.

إن التقليل من الآثار السلبية للتغيرات المناخية والتكيف معها في اليمن، يتطلب تبني عدداً من السياسات، وبعض الحلول والمعالجات التي ينبغي على الحكومة والجهات ذات العلاقة العمل بها، منها ما يلي:

  1. تطوير وإعداد تشريعات خاصة بالتغير المناخي في اليمن، وتعزيزها باللوائح التنفيذية وآليات التنفيذ بما يضمن وضوح مهام واختصاصات الجهاز المعني بقضايا التغير المناخي.
  2. اعتماد نهج التكيف القائم على النظام الإيكولوجي، وإنشاء خطة رصد لرصد ومراقبة تأثير الظواهر المناخية  المتطرفة. [6]
  3. الاهتمام بالتغيرات المناخية في إطار قطاعي يضم جميع الهيئات والجهات ذات العلاقة وربطها بالوضع الإنساني كما هو الحال بالكتل القطاعية الأخرى في الصحة والتعليم والصرف الصحي
  4. إعداد الخطط الوطنية المعنية بالمناخ وتحديد خيارات التكيف مع التغيرات المناخية والتخفيف من آثارها على كافة القطاعات وبالذات قطاعات زراعة المحاصيل وتربية الماشية والغابات ومصائد الأسماك.
  5. ينبغي على السلطات إدارة الموارد المائية، واتخاذ إجراءات من شأنها تخفيف الطلب الكبير على الإمدادات المحدودة للمياه، والتي تقل كل عام بسبب التغيرات المناخية، وانخفاض معدل هطول الأمطار وازدياد الجفاف. حيث إن اليمن تعاني من إجهاد مائي مرتفع بجميع المناطق، وعمليات سحب المياه الجوفية تتجاوز التغذية بأكثر من 4 أضعاف مصادر المياه المتجددة.
  6. اقتراح حلول من قبل الخبراء، ونمذجتها لمعرفة مدى مساهمتها في تخفيف الأثر السلبي للتغيرات المناخية كتحديد أنسب المواعيد الزراعية للمحاصيل المختارة، وتحديد أنسب المواعيد في حالة الري التكميلي مع تحديد الكمية المناسبة.
  7. إدخال تقنيات الزراعة الحديثة بهدف ترشيد استخدام الموارد الزراعية (مياه وتربه) وتنفيذ عمليات محاكاة لأصناف الحبوب والمحاصيل الأخرى الاستراتيجية. من خلال برامج التحسين واختبار مدى تأقلمها وتكيفها للتغيرات المناخية ومدى وملاءمتها للمناطق والأقاليم المختلفة ضمن برامج ومشاريع التكيف مع التغيرات المناخية.
  8. تنفيذ أنشطة بحثية استباقية لمواجهة التحديات في مجال تغير المناخ، مثل: إدخال واختبار أصناف جديدة للمحاصيل الزراعية والتي تتميز بكفاءة عالية في استخدام ثاني أكسيد الكربون ومتحملة لإجهادات الحيوية. [7]
  9. إعادة تأهيل المدرجات الزراعية، المتدهورة، واستعادة وحفظ تقنيات خزن وتجميع المياه، والاهتمام بالمراعي والغابات والأراضي الرطبة الساحلية، للتخفيف من تغير المناخ والتكيف معه. [8]
  10. رسم السياسات الكفيلة ببناء القدرة على الصمود في وجه تغير المناخ على مستوى الزراعة وبالأخص الزراعة صغيرة النطاق من خلال اعتماد ممارسات محسنة للإدارة المستدامة للأراضي والمياه ومصائد الأسماك والغابات على نطاق واسع.
  11. مراعاة اعتبارات التغير المناخي في سياسات التنمية الزراعية والريفية، وإعادة مواءمة وإدماج السياسات بشأن التغير المناخي والزراعة والأغذية والتغذية، وذلك لدعم التحول إلى الزراعة الحديثة، والأنظمة الغذائية المستدامة والأكثر إنتاجية.
  12. توعية المزارعين بممارسات الإنتاج المستدام والتي تعزز فعالية استخدام الموارد وصون التربة وتحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناجمة عن الزراعة بحد ذاتها.
  13. ربط سياسات دعم المزارعين المحليين بتنفيذ ممارسات الإنتاج المستدام، علاوة على دمج القضايا المناخية والبيئية ضمن البرامج التدريبية والتعليمية.

* المراجع:

* وزارة التخطيط والتعاون الدولي، “التغيرات المناخية وأثرها على الزراعة في اليمن”، نشرة YSEU، صنعاء، العدد (74) يوليو/تموز، 2022.

[1] -حالة الأغذية والزراعة، تغير المناخ والزراعة والأمن الغذائي 2016.

[2] – تقييم تأثر التغيرات في المياه المتاحة على إنتاجية المحاصيل 2019، تقرير الحالة في اليمن، ESCWA، ريكار.

[3]– “تقييم تأثر التغيرات في المياه المتاحة على إنتاجية المحاصيل 2019″، تقرير الحالة في اليمن، ESCWA، ريكار.

[4]– تقييم تأثر التغيرات في المياه المتاحة على إنتاجية المحاصيل 2019، تقرير الحالة في اليمن، الإسكوا.

[5]– وثيقة النظرة العامة للاحتياجات الإنسانية في اليمن، أبريل 2022، اليمن، OCHA.

[6] Yemen’s Sixth National Report to Convention on Biological Diversity, March 2019, Ministry of Water & Environment, Environment Protection Authority

[7] -المصدر السابق.

[8] – تقارير حلم أخضر: “اليمن: قصة بناء المدرجات الزراعية“، 18 يوليو 2021. حلم اخضر.

تعليقات
Loading...

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط
error: Content is protected !!