حلم اخضر – [القاهرة] محمد السعيد
أطلقت وزارة البيئة المصرية منظومة إلكترونية جديدة لرصد المخلفات وإزالتها في ستة أحياء بمحافظة القاهرة. ويُعَد هذا تفعيلًا للمرحلة الأولى من مشروع يطمح إلى تعميمها في جميع أنحاء البلاد، وللتجربة فسوف يبدأ بسبع محافظات، هي: القاهرة، والجيزة، والإسكندرية، وقنا، وأسيوط، والغربية، وكفر الشيخ.
يجري تطبيق المنظومة التي أُطلقت رسميًّا آخر سبتمبر الماضي، من خلال جهاز تنظيم إدارة المخلَّفات التابع للوزارة، بالتعاون مع شركة ’إنفيرون أدابت‘ العاملة في مجال إدارة المخلفات، ومطورة المنظومة. ويوضح مصطفى خيرت -الرئيس التنفيذي للشركة- أن الهدف من المنظومة الوصول إلى أحياء مصرية نظيفة وراقية عبر استخدام طرق غير تقليدية.
وحيث إن المشكلة في إدارة المخلفات بمصر تبدأ بالجمع، فإن من عوار النظام الحالي أنه يقوم على تقديم السكان شكاوى كتابية في الشركات المتعاقدة مع المحافظات المختلفة والمعنية بجمع النفايات، وهذا يراه خيرت غير مُجدٍ، إذ يستغرق وقتًا طويلًا.
وفقًا لأحدث تقارير حالة البيئة في مصر، الصادر عن جهاز شؤون البيئة نهاية 2017، تنتج مصر سنويًّا نحو 90مليون طن من المخلَّفات الصلبة، تبلغ حصة المخلَّفات البلدية منها حوالي ٢٢ مليون طن سنويًّا، بمعدل 59ألف طن يوميًّا من المخلفات البلدية الصلبة.
ويتولد نحو ٤٧% من كمية المخلفات البلدية عن ٤ محافظات فقط هي: القاهرة، والجيزة، والقليوبية، والإسكندرية، في حين تنتج محافظات الدلتا السبع مجتمعةً ٣٧٪ من إجمالي كمية المخلفات، وتنتج باقي المحافظات 16٪ من جملة المخلفات البلدية الصلبة.
وللأسف لا يزيد التخلُّص الآمن من هذه القمامة على 20%، والبقية لا يجري تدوير أكثر من 15% منها، في تظل نسبة 85% الباقية في المقالب العشوائية المنتشرة. ومن أجل تعميم التطبيق على كل المحافظات كان لا بد في البداية من إجراء تشغيل تجريبي له.
البداية جاءت بنموذج تجريبي في العام 2015، تلاه نموذجٌ آخر بالتعاون مع محافظة الإسكندرية في عام ٢٠١٧، انتهاءً بالنموذج الأخير الذي انطلق في عام ٢٠١٨ مع محافظة القاهرة في حيي المعادي وطرة.
يوضح خيرت أن المنظومة تنفذ من خلال تطبيقين: الأول ’إنفيرون عمليات‘، الخاص بالجهات الحكومية المعنية ومقدمي الخدمة (الشركات المتعاقدة مع المحافظات لجمع القمامة).
أما التطبيق الثاني واسمه’ دوَّر‘، فيستخدمه المواطنون للإبلاغ عن مواضع تراكُم القمامة من خلال التقاط صورة بالهاتف المحمول للمخلَّفات الموجودة بالشارع، ثم إرسالها إلى الجهات المعنية بإدارة المنظومة، ومنها إلى شركات جمع القمامة المصرَّح لها بالعمل في كل منطقة خدمة، لإزالتها.
يقول خيرت، لشبكة SciDev.Net:” المنظومة تقوم على ٤ محاور، أولها هو الخطوط الساخنة والشكاوى التليفونية المباشرة للجهات الحكومية المعنية (المحافظة ووزارة البيئة)“.
ويكمل:” والمحور الثاني يقوم على استخدام التطبيق الأول، وتستخدمه الجهات الحكومية المعنية، ممثلةً في جهاز تنظيم إدارة المخلفات، في الرصد والرقابة والتواصل مع مقدم الخدمة المتمثل في شركات جمع القمامة، التي تستخدم هي الأخرى التطبيق ذاته“.
ويضيف خيرت أن شركته دربت ممثلي الأجهزة المعنية ومقدمي الخدمة على استخدام النظام، الذي تجاوز عدد مستخدميه ٣٠ ألف مستخدم حتى الآن، والزيادة متوقعة.
” بعد هذه المرحلة من تحقيق تواصل بنسبة ٨٠٪ بين الجهات الرقابية ومقدمي الخدمة، ننتقل إلى المحور الثالث، وهو تطبيق’ دوَّر‘، الذي يستخدمه المواطنون في الإبلاغ عن أماكن النفايات“، وفق خيرت.
يحدد التطبيق بدقة موضع نفايات بواسطة GPS، بالإضافة إلى تحديد مقدم الخدمة المعني باستقبال الصور في كل منطقة، كما تصل هذه الصور إلى الجهات الرقابية؛ لمتابعة مدى التزام مقدم الخدمة بالتحرُّك لإزالة القمامة. بعد ذلك ننتقل إلى المرحلة الرابعة التي تلي عملية رفع القمامة؛ إذ يتلقى المُبلغ صورة من الموقع لتأكيد إتمام الرفع.
التطبيق مزود أيضًا بصفحة رئيسية، تقدم للمستخدم معلومات توعوية عن الاستدامة والاقتصاد الأخضر، وعن المبادرات البيئية في منطقته وفي مصر والعالم.
يشير خيرت إلى أن البروتوكول الموقع بين شركته ووزارة البيئة يشمل التوسع في تطبيق المنظومة لتشمل ٤ أحياء إضافية في القاهرة هي: شبرا، وعابدين، وروض الفرج، ومصر الجديدة. وبعد هذا تمتد التجربة إلى ٦ أحياء أخرى بالعاصمة حتى تغطية المحافظة بالكامل، ثم الانتقال إلى التطبيق في المحافظات الست المتبقية.
فكرة تطبيق “دور” ممتازة، في رأي المصري لطفي عزاز -أستاذ التخطيط الحضري ونظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بُعد بجامعة القصيم بالسعودية.
ويعلل عزاز امتياز الفكرة بكونها تطبيقًا عمليًّا لمبادئ علم نظم المعلومات الجغرافية في ربط مشكلة القمامة بموقعها، بالإضافة إلى دعم اتخاذ القرار المتمثل في مقدم الخدمة الذي -يفترض أن- ينتقل إلى موقع البلاغ لرفع المخلفات.
ويوضح عزاز للشبكة أن التطبيق يشمل أيضًا مبدأً مهمًّا في عملية التخطيط الحضري، وهو المشاركة الشعبية، التي يُسهم فيها المواطن بدور أساسي في عمليات تخطيط المشروعات الجديدة أو حل مشكلات قائمة بالفعل.
أما مجدي علام -أمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب-فيشيد بفكرة التطبيق الذي يقول إنه سهَّل عملية التواصل بين المواطن ومزود الخدمة، بالإضافة إلى تسهيل رقابة الجهات التنفيذية على مقدم الخدمة.
ويشدد علام على ضرورة أن تشمل المنظومة الجديدة توفير معدات جديدة ومتطورة لجمع القمامة، بالإضافة إلى الاهتمام بعمال جمع القمامة؛ لضمان سرعة الاستجابة وكفاءتها. ويشمل ذلك زيادة عدد المحطات الوسيطة، وهي أماكن مؤقتة لتجميع القمامة قبل نقلها إلى المكب العمومي.
تعمل الوزارة حاليًّا على إعداد ٣٥٠ محطة وسيطة؛ لتقليل المسافات بين مرآكم القمامة والمكبات العمومية. وبينما يرى خيرت أن أبرز مشكلة يواجهها التطبيق هي أن بعض المستخدمين يحاولون استخدامه في مناطق خارج نطاق تشغيله، يشير علام إلى مشكلة أخرى قد تظهر، وهي” الشكاوى الكيدية“.
ويقول علام:” لا بد من توقيع عقوبة على المبلِّغ الذي يخدع الأجهزة التنفيذية، أو يرسل شكاوى كيدية بهدف الإضرار بآخرين من خلال تزوير الصور أو المواقع“.
المصدر: شبكة العلوم والتنمية SciDev.Net – إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.