حلم أخضر | خاص – محسن فضل
تعاني مدينة “دمت” التابعة لمحافظة الضالع جنوب اليمن، الكثير من مشاكل التلوث نتيجة الإهمال الرسمي، ولم يعد بمقدورها أن تصبح حاضرة السياحة اليمنية، بالرغم من مقوماتها الطبيعية الفريدة والتي تؤهلها لأن تكون موطن السياحة العلاجية بامتياز، نتيجة لتواجد العشرات من عيون المياه الكبريتية فيها.
تقع مدينة “دمت” في محافظة الضالع، وتبعد عن المركز الإداري للمحافظة بمسافة ٥٤كم من الناحية الشمالية، وتعد “دمت” هضبة جميلة ترتفع ٢٠٠٠م عن مستوى سطح البحر، يقطعها وادي “بنا” الشهير من الشمال إلى الجنوب، وتتخللها كثير من الأودية الفرعية التي تصب في مجرى الوادي ذاته.
تحيط بدمت سلسلة جبلية من جميع الجهات وتتميز بانتشار الغطاء النباتي الذي أثر على طبيعة المناخ، فهو معتدل طوال العام، بينما يميل إلى البرودة قليلاً خلال فصل الشتاء أثناء الليل والصباح الباكر.
يبلغ عدد سكان “دمت” بحسب إحصائية العام 2004، قرابة 74.500 نسمة، وهم يتوزعون في 10 عزل تضم 80 قرية ريفية، وتصل نسبة الهجرة فيها 20٪ وهي أعلى نسبة بين كل مديريات محافظة الضالع، ويوجد بها العديد من الوديان وتعد الزراعة النشاط الرئيسي لمعظم السكان.
مزار سياحي نادر
تتكئ مقومات السياحة العلاجية في مدينة “دمت” على توفر مصادر المياه المعدنية التي تتميز بمخزونها الوفير، كما يوجد بها عدد من الينابيع الحارة للمياه الكبريتية، والتي يقدر عمرها الجيولوجي بحوالي 18 مليون سنة, ولعل شهرة المنطقة تاريخياً تكمن بسبب وجود فوهة بركانية يطلق عليها اسم “حرضة دمت” الشهيرة، التي توجد وسط المدينة، على الشارع العام.
يطلق عليها الجيولوجيون “حرضة دمت” وهي عبارة عن فوهة بركان تكون منذ ملايين السنين، لكن ميزته المحيرة لعلماء الجيولوجيا، هي أن هذه الفوهة وجدت بشكل مقلوب لما هو معروف عن شكل الفوهات البركانية، فكل البراكين في العالم، تأتي على شكل مثلث مخروطي تعلوه فتحة الفوهة، ويتسع حجم قطره إلى الأسفل. بيد أن فوهة “دمت” تشكل العكس فهي واسعة للغاية من الأعلى يصل قطرها قرابة 550 متر، ويضيق قطرها إلى الأسفل باتجاه العمق.
ويرى أخصائيي الجيولوجيا في جامعة تعز اليمنية، أن هذا السبب أدى إلى وجود العديد من الحمامات العلاجية الغنية بالمياه الكبريتية البالغ عددها 10 حمامات علاجية أهمها: حمام الحمدي نسبة إلى الرئيس اليمني الأسبق إبراهيم الحمدي، ويسمى أيضاً حمام الدردوش، إضافة إلى حمام الحساسية وحمامي الاسدي والعودي.
مشكلة “دمت” هي النفايات
يقول الأمين العام للمجلس المحلي في “دمت” عبدالاله النجار، في تصريح صحفي، أن المدينة تعاني من مشاكل عديدة أبرزها انتشار القمامة في جميع شوارع وأحياء المدينة بشكل عشوائي، ويضيف النجار أن السبب في ذلك عدم تواجد براميل خاصة بالقمامة والخرامات الخاصة بنقل القمامة، وهي مسئولية قطاع النظافة والبيئة الغائب دوره بالمدينة.
ويقول أمين عام المجلس المحلي لدمت أن المدينة تعاني من نقص في عمال النظافة، ويعود هذا إلى أن السوق والتحصيل مازالا مركزيين يتبعان المحافظة، في الوقت الذي طالبنا فيه أن يكون صندوق النظافة والتحسين تابعاً للمديرية حتى يكون باستطاعتنا العمل في زيادة عمال النظافة، والخرامات التابعة لحمل القمامة، لكن طلبنا قوبل بالرفض من قبل المجلس المحلي بالمحافظة.
ويرى عبدالاله النجار، أمين المجلس المحلي لمدينة “دمت” أن مشكلة المجاري وطفحها المتكرر تعد مشكلة أخرى متفاقمة في “دمت”. ويقول النجار إن ذلك يعود إلى أن المجاري الموجودة في المدينة خاصة بتجار ومستثمرين محليين، أما المجاري العامة للمدينة ما تزال قيد الإنشاء، وهي في حالة متابعة مستمرة من قبل المجلس المحلي، وتقدر تكلفتها بنحو 2 مليار ريال.
ويضيف النجار: كما أن المدينة تعد محطة سير، فهي تتوسط الطريق العام مابين صنعاء وعدن وقد تم الإعلان عن الخط الدائري قبل العام 2011، وهو الآن تحت المتابعة إلى جانب سفلتة 12 كيلو داخل المدينة نفسها.ويؤكد النجار أن “دمت” ما تزال تعاني من نقصا في المياه وانعدام كامل للطاقة الكهربائية، وخصوصا هذه الأيام.
ماذا عن الصرف الصحي؟
يقول مدير البيئة في دمت، علي بن علي أن مشروع الصرف الصحي لمدينة دمت، متعثر وان هذا المشروع على نفقة دولة الإمارات العربية المتحدة. ويؤكد بن علي أنه قد تم نزول فريق المهندسين على أساس تحديد أرضية الصرف الصحي التي اشتراها المجلس المحلي من الأهالي، إلا أنه وعند وصولهم فوجئوا بإطلاق النار عليهم من قبل الأهالي، مما أدى إلى عرقلة المشروع الذي يعد من أهم المشاريع للمدينة.
ويقول بن علي:”لهذا نطالب بتكاتف الجهود وتعاون السلطة المركزية مع السلطة المحلية لإيجاد حل، لهذا المشروع”.
أمراض وأوبئة سببتها النفايات
يقول مدير مكتب الصحة في مدينة “دمت” سيف العريبي، إن انتشار النفايات وطفح مياه المجاري بالمدينة، يؤثر على حياة السكان ويعد سببا في انتشار الأوبئة والأمراض وانتشار الذباب، وكذلك تفشي البعوض المسبب لحمى التيفود وحالات الإصابة بالإسهال.
ويؤكد العريبي أن هذا كان سببا لما حدث العام الماضي عند ظهور مرض الكوليرا بالمدينة، بسب التلوث البيئي الذي أصاب مزارع الفواكه والخضار، نتيجة طفح المجاري المنتشرة في شوارع دمت، ومخلفات الأطعمة المرمية، وعدم وجود خدمات النظافة في المدينة.
ويشير العريبي، إلى أن هذه المشاكل المتفاقمة من اختصاص صحة البيئة التي لا تزال تتبع وزارة الأشغال العامة والطرق، بالرغم أنها في صلب اختصاص وزارة الصحة، ولكنها لم تسلم لها كادراه، وما تزال تابعة لمكتب الشغال.
ويقول مدير مكتب الصحة في مدينة “دمت” سيف العريبي:”صدر قرار من المجلس المحلي بالمدينة بإبقائها تابعة للأشغال..لهذا ندعو المجلس المحلي بتوجيه الجهات المسئولة بهذا الأمر.إضافة إلى التزام الجهات المختصة بالتوعية المناسبة ومنها المساجد والتربية والأسرة. “يجب أن يقوم قطاع النظافة والتحسين بدوره الفعال في هذا الجانب، كما تقوم صحة البيئة بدورها في الرقابة الغذائية في المطاعم والبوفيهات والمعلبات ” قال العريبي.