fbpx

قهوة القِشر اليمني .. ما هو سرها؟

© Holm Akhdar/ QISHR Coffee

هلال الجمرة (حلم أخضر)

من اليمن، بلاد القهوة، اهتدى العالم إلى هذا المشروب الساحر. حيث صَدّر اليمنيون حبوب البن [الصافي]، وتشكلت أمزجة العالم.

فقبل أكثر من 6 قرون، ارتبطت شجرة البن باليمن السعيد. ومن ميناء المخا الشهير غرب اليمن، اشتق اسم القهوة «موكا».

تشير احدى المقالات، إلى أنه منذ نهاية القرن الـ14، احتكرت اليمن أسرار زراعة البن، وطرق تحميصه، وتصديره إلى أسواق العالم.

ومع ذلك، احتفظ اليمنيون لأنفسهم بمزاجهم الخاص، وابتكروا مشروب قهوة تدعى “القِشْر”، وكانت لهم طرقهم العتيقة والفريدة في تحضيره.

القشر هي قشور ثمرة البن/ الصورة © حلم أخضر

ما هي قهوة القِشر؟

القِشر هو الغلاف الخارجي لثمرة شجرة البن (قِشرة البن)، ومنذ القدم، لم يُصَدّره اليمنيون، بل يستهلكونه محلياً من خلال “قهوة القِشر”.

تشكل القِشرة نسبة 2% تقريباً من وزن ثمرة البن. ويباع كيلو “القِشر” من 5-8 دولار بالسوق اليمني، وفي السعودية 36 ريالاً.

في العام 1877، وأثناء زيارته لليمن، والتي كانت تسمى العربية السعيدة، لفتت قهوة “القشر” انتباه الرحالة الإيطالي، رينزو مانزوني.

ويذكر مانزوني في كتابه [اليمن رحلة إلى العربية السعيدة] سنة 1884: «لا يستهلك اليمنيون القهوة كما يُعتقد عادة! بل يبيعون حبوب البُن، ويستهلكون قشرتها فقط، ويسمونها قهوة القِشر».[1] 

في السوق اليمني، يعتبر المحصول الأكثر استهلاكاً من بين منتجات القهوة هو القِشر، ثم يأتي البن الصافي

فهد الشهاري المدير التنفيذي لمتجر درر للقهوة المختصة، صنعاء
بعد غلي القشر بالماء يتم احتساؤه/ تصوير© حلم أخضر

طرق تحضير قهوة القِشر!

يجهز اليمنيون مشروب قهوة القِشر بطريقتين، ويتم احتساؤها من دون سكر!، وقد أورد مانزوني في كتابه تفاصيل عن هذا الأمر.

يقول مانزوني: «في المناطق الحارة، يُحَمّص القشر ويُطْحَن ويُضاف إلى الماء المغليّ، داخل وعاءٍ من الفخّار يسمى بـ (الجمنه)».

«ويُعطّر بـ(القرفة، جوز الطيب، الزعفران، القرنفل). ومن خلال هذه الطريقة، تتخذ هذه القهوة -قهوة القشر- لوناً داكناً متسمّاً بطعم حاد».

أما بالمناطق الباردة، «فلا يُحَمَّص القشر، ويضاف كما هو إلى المياه المغليّة، وتتخذ هذه القهوة لوناً أشقراً ذهبياً، ومذاقها ممتاز».

ثمرة البن/ تصوير شهدي الصوفي © حلم أخضر

تصدير قهوة القِشر

في متجر القهوة المختصة درر DURAR ، بالعاصمة صنعاء، وهو مشروع تجاري، يسعى المصدرون لاستعادة سمعة البن اليمني، وكذلك القشر.

ويقول لـ «حلم أخضر»، فهد الشهاري، المدير التنفيذي لمتجر درر، « القِشر هو منتج محلي، ويباع في الداخل، وغير معروف كثيراً في الخارج. ومنذ زمن كانت السعودية البلد الوحيد المستورد للقشر من اليمن نتيجة لوجود المغتربين، ووجود فئة سعودية تشرب القشر. لكن بدأت مقاهي في الأردن الان بطلب القشر. ولذلك يتم تصديره».

«في السوق اليمني، يعتبر المحصول الأكثر استهلاكاً من بين منتجات القهوة هو القشر، ثم يأتي البن الصافي». أضاف الشهاري.

لماذا فضل اليمنيون القِشر على حبوب البن؟

تشير بعض المصادر التاريخية أن احتساء اليمنيين لقهوة القِشر، كان مفَضَّلاً على الشاي، كونه مرتبط بفوائد صحية عديدة عرفها اليمنيون.

من هذه الفوائد، أن قهوة القِشر، تعمل على عدم تكوين أملاح أو حصوات في الكلى، وأنها تساعد على إدرار البول.

ويحتسيها الفلاحون يومياً منذ الفجر، لاعتقادهم بأنها تحد من العطش؛ وتشربها نساء الريف اثناء فترة الولادة، كونها تعمل على تنظيف الرحم.

وتعد محافظة إب، وسط اليمن، أكبر المستهلكين لقهوة القشر محلياً. ويشير الشهاري، أن ثلث الإنتاج لقهوة القشر، يباع في إب.

ما يفضله اليمنيون

ويقول الشهاري: «السوق اليمني يفضل دائماً القهوة الأقل حموضة، وهي تنتج من مناطق العدين، وبني إسماعيل، وخولان بني عامر، وهي مرغوبة».

«ويعتبر شهري شعبان ورمضان هو الموسم الأبرز لقهوة القشر في السوق المحلي، حيث يزيد الطلب عليه بكثره»، قال الشهاري.

وتعد محافظة صنعاء، أكبر المناطق المنتجة للقهوة في اليمن، والتي تصنف بأنها ذات جودة عالية. تليها محافظتي ريمة، وذمار.

رواج الشاي يطغى على القهوة

في العقود الماضية، ومع زيادة الاستيراد على حساب الإنتاج الزراعي، ارتفع رواج الشاي، وأصناف مشروبات أخرى مستوردة في البلاد.

مما قللّ الطلب المحلي على القشر بشكل خاص، والطلب على البن عموماً. ذلك أن استيراد الشاي يطغى محلياً، وباستمرار.

إبان حقبة اليمن السعيد، كان اليمن يحتل المرتبة الأولى عالمياً في زراعة وتصدير البن، لكنه اليوم لم يعد كذلك.

وفي العام 1720، وصل انتاج البن اليمني Coffee Arabica ذروته. وشهدت موانئ المخا، الحديدة، واللحُية، حركة كبيرة في تجارته.

بمرور الوقت، تضاءل الإنتاج، وتراجعت ثلثي المساحة الزراعية للبن، جراء الإهمال الحكومي، وفي منتصف القرن الـ20 بلغ الانتاج نحو 55 ألف طن سنوياً.

اليوم، ينتج اليمن حوالي 21,443 طن سنوي من القهوة. وبلغت المساحة الزراعية للبن، حوالي 35,970 هكتار في العام 2020.

وأصبح اليمن متراجعاً بين بلدان البن، ويحتل المركز الـ 42 عالمياً، من بين 64 دولة مُصدرة ومنتجة للبن في العالم.

لكن عدداً من المزارعين اليمنيين والمُصدرين الشباب، يسعون بحماس كبير، لاستعادة سمعة القهوة اليمنية، وإعادة إحياء محصول البن القديم.

* مراجع:

[1] – رينزو مانزوني، “اليمن: رحلة إلى صنعاء“، الصندوق الاجتماعي للتنمية، اليمن، صنعاء، 2011، ص 28.

تعليقات
Loading...

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط
error: Content is protected !!