fbpx

اليمن: غرس 6 مليون شجرة في 3 سنوات

بقايا التشجير في ذمار © حلم أخضر

حلم أخضر (خاص) محمد الحكيمي 

مطلع سبعينيات القرن الماضي، احتفت اليمن بالشجرة، باعتبارها رمز الحياة، ونتيجة ذلك أقرت لها الدولة عيد وطني، كان شعاره “الشجرة: ظل وجمال واقتصاد”، وصدحت به عدد من الأغنيات الشعبية.

إليكم قصة مشروع التشجير الوطني، الذي حقق زراعة 6 ملايين شجرة خلال 3 سنوات إبان حقبة اليمن الشمالي، أو ما كان يعرف بالجمهورية العربية اليمنية.

كيف بدأ التشجير؟

في بلد اشتهر سكانه بكونهم فلاحين مّهَرة، ثمة قصة إنجاز زراعي فريد قام به المجتمع وساندته الدولة. حدث ذلك خلال فترة تولى الرئيس الراحل إبراهيم الحمدي مقاليد السلطة، بعد أن أصبح رئيس الجمهورية العربية اليمنية في 13 يونيو 1974.

طبقاً لوثائق الخطة الخمسية الأولى، ركزت سياسة الرئيس الحمدي، على القطاع الزراعي بدرجة رئيسة، وشرعَ بتدشين أبرز المشاريع الخلاقة التي حركت القطاع الزراعي، ليشكل العمود الفقري للاقتصاد الوطني خلال تلك الفترة.

ومن بين مشاريع زراعية عدة تكللت بالنجاح، واستطاعت تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء، كان ثمة مشروع نادر لم يتكرر منذ تلك الحقبة وحتى اليوم، عُرف ذلك المشروع باسم “مشروع التشجير العام”.

بقايا التشجير في محافظة ذمار وسط اليمن © حلم أخضر
نسخة مصورة من جريدة الثورة 1 مارس 1976 © حلم أخضر

انطلق مشروع التشجير العام في سنة 1975، حيث جرى وفق قرار رسمي، اعتبار يوم الأول من شهر مارس (1 مارس) من كل عام، يوماً وطنياً للشجرة – والذي عرفه اليمنيين باسم عيد الشجرة- ويتم فيه غرس الأشجار في كل مناطق البلاد.

ويتم تشجير مداخل المدن الرئيسية، وتشجير الطرق الطويلة بين المدن. وكان الرئيس الحمدي يحرص في كل عام على تدشين موسم التشجير بنفسه.

وكانت مدن اليمن كلها في 1 مارس/آذار (عيد الشجرة) تتحول الى خلية نحل بشرية، يزرع فيها الجميع اشجاراً على اختلاف اعمارهم واهتماماتهم للتعبير عن الارتباط الوطني، والارتباط بالطبيعة على حد سواء.

مشروع التشجير الوطني 1975 – 1978

طبقاً لوثيقة “أهداف مشروع التشجير ومراحل التنفيذ -حصل (حلم أخضر) على نسخة منها- فقد تم إطلاق مشروع التشجير العام بتوجيه من الراحل الحمدي، رئيس الجمهورية العربية اليمنية (آنذاك)، ليتم تنفيذ مشروع التشجير الوطني خلال 3 مراحل.

وحددت المدة الأولية لتنفيذ المشروع 3 مراحل للتشجير تبدأ في العام 1975، وتنتهي في 1978، بحيث يتم زراعة 3 ملايين شجرة في كل مرحلة من مراحله الثلاث، للوصول الى غرس وتشجير 9 ملايين شجرة في نهاية المشروع كخطة أولى.

وبحسب تلك الوثيقة، شهدت المرحلة الأولى لمشروع التشجير للعام 75-1976 غرس 3 ملايين شجرة، في كل محافظات ومديريات ونواحي اليمن الشمالي. في حين شهدت المرحلة الثانية خلال الفترة 1976-1977، غرس 3 ملايين شجرة أيضاً.

الحمدي وطالبات المدارس يغرسون الاشجار في صنعاء 1975/ حلم أخضر

بيد أن تلك الوثيقة، أشارت أنه لم يتم تنفيذ المرحلة الثالثة من التشجير 1977-1978 لغرس 3 مليون شجرة متبقية من اجمالي المشروع.

المزيد من المشاركات

وهي الفترة الزمنية التي تم فيها اغتيال الرئيس الحمدي. ليتوقف مشروع التشجير الوطني عند 6 ملايين شجرة تم غرسها في البلاد، خلال عهد الحمدي فقط، منذ ذلك الوقت وحتى اليوم.

استمع: اغنية (شجروها) للفنان اليمني الكبير أحمد السنيدار، دعماً لموسم التشجير 1977


10 محافظات تغرس مليون شجرة

وتوضح الوثيقة أن خطة التشجير الوطني السنوية في كلا من المرحلتين الأولى والثانية، كانت موزعة على ثلاث محاور.

المحور الأول: وهو المحافظات الـ 10 وهي عدد محافظات اليمن الشمالي آنذاك، بحيث تتولى كل محافظة من المحافظات العشر غرس 100 ألف شجرة، ليصبح مجموع ما تم غرسه مليون شجرة، وترفع كل محافظة تقرير بذلك.

الاتحاد التعاوني يغرس مليون شجرة

والمحور الثاني: وهي هيئات التطوير وأعضاء الاتحاد العام التعاوني، والتي تتولى خلال فترة المشروع تشجير المناطق التابعة لها، بمعدل 10 ألف شجرة سنوياً لكل هيئة، بمشاركة 100 هيئة من هيئات التطوير بالمديريات، وبضرب الرقمين 100 هيئة تعاونية في 10,000 شجرة يتم غرسها، يصبح الناتج المتحقق مليون شجرة مغروسة في الموسم الواحد.

الرئيس الحمدي يدشن موسم التشجير 1 مارس 1975 بمشاركة الجنود © حلم أخضر

الجنود والطلاب والموظفين: مليون شجرة

المحور الثالث: مشاركة منتسبي القوات المسلحة اليمنية في كل مناطق البلاد، بمشاركة طلاب المدارس والمعاهد والكليات والكشافة، وموظفي الدولة والمواطنين الراغبين، كل هؤلاء يتولون غرس مليون شجرة في اليوم الأول لموسم التشجير صبيحة يوم 1 مارس من كل عام.

كان مشروع التشجير ينشد تحقيق عدد من الأهداف التي أوردتها الوثيقة، وهي: توسيع الرقعة الخضراء لليمن وتحسين البيئة، وإقامة الأحزمة الخضراء الواقعة حول المدن الرئيسية.

وتجميل المدن بالبيئة الطبيعية للسكان، وتطوير الغابات وتوسيع رقعتها في ارجاء البلاد، مع تشجير مداخل المدن، وإقامة الحدائق العامة والمتنزهات. وكان يتم استكمال التشجير في شهري يوليو واغسطس بداية موسم الأمطار الرئيسي في اليمن.

* المصادر والمراجع:

– ناصر العولقي، “تجربة الجمهورية العربية اليمنية في التنمية الريفية”، مجلة (دراسات يمنية). مركز الدراسات والبحوث اليمني، صنعاء. العدد 11 مارس 1983.

– كتاب التعاون رقم 1 (سلسلة نشاط هيئة التعاون الأهلي للتطوير)، صادر عن إدارة الثقافة والشئون الإعلامية، صنعاء، الجمهورية العربية اليمنية 1975.

– وثيقة مشروع التشجير العام (الأهداف ومراحل التنفيذ) الاتحاد العام لهيئات التطوير التعاوني الأهلي. صنعاء. مارس 1975.

لقطات من عيد الشجرة الذي كان في 1 مارس من كل عام © حلم أخضر
تعليقات
Loading...

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط
error: Content is protected !!