تقرير: مطهر هزبر، أمل الجندي
كشف تقرير دولي صدر مؤخراً في نهاية العام 2013، أن 80 % من الصراعات التي شهدتها اليمن خلال السنوات الأخيرة، سببها الأراضي والمياه.
مشيراً إلى تقليص كافة جوانب قاعدة الأصول البشرية والاجتماعية والسياسية والطبيعية والمادية والاقتصادية الخاصة بسبل معيشة السكان في المحافظات المتأثرة بالنزاع في اليمن.
وجاءت نتائج التقرير الأممي الصادر بعنوان “التقييم المتعدد الأبعاد لسبل المعيشة في المناطق المتأثرة بالنزاع في اليمن”، والذي أجراه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع وزارات: التخطيط والزراعة والثروة السمكية والتعليم الفني والتدريب المهني والشؤون الاجتماعية وبرنامج الغذاء العالمي ومنظمة الفاو وغيرها من المنظمات الدولية.
وذكرت النتائج، أن غالبية الأسر اليمنية تأثرت بالنزاعات التي حدثت في العام 2011 بشكل أو بآخر.
حيث أشارت 67 % من الأسر إلى أنها تأثرت بشكل كبير حيث عطلت النزاعات سبل المعيشة من خلال ارتفاع مستويات عدم الأمن والحواجز والتقطعات وارتفاع أسعار المواد الإنتاجية وغلق الأسواق.
وأشارت نتائج التقييم الذي شمل محافظات: تعز وعمران وحجة وأبين، إلى أن تعذر الوصول إلى الموارد الإنتاجية وضياع الماشية وتدمير وتلف معدات الإنتاج والبسط على الأراضي والمزارع أثر مماثل على سبل المعيشة.
كما أسهمت عوامل أخرى مثل العمل والتعليم والمياه والأراضي بشكل كبير في تصاعد الصراع.
وفي هذا الصدد أشار التقييم إلى أن الشباب الذين لم ينالوا قسطاً وافراً من التعليم كانوا أكثر عرضة للتجنيد مع المجاميع المسلحة.
وذكر التقرير الأممي إلى أن الصراع على الأراضي والمياه شكلا معاً حوالي 75-80% من كل الصراعات في اليمن.
وفيما يتعلق باستراتيجيات التأقلم والتكيف التي انتهجتها الأسر المتضررة، أشارت نتائج التقييم إلى أن الأسر استخدمت استراتيجيات شتى للاستفادة القصوى من مواردها المحدودة وللنجاة من الآثار السلبية للنزاع.
غير أن العديد من استراتيجيات التأقلم كان لها أثر سلبي، وتشمل خفض الاستهلاك سواء في جودة الغذاء أو عدد الوجبات، وبيع بعض الأصول الأسرية الهامة ومنع أطفالها من الذهاب إلى المدرسة لغرض العمل وإعالة الأسرة.
وكذلك، الاستمرار في أنشطة سبل المعيشة حتى في البيئة الخطرة التي لا تتضح فيها أماكن الألغام الأرضية أو يكونون فيها عرضة لإطلاق الرصاص من المسلحين الذين يحتلون المنطقة، ناهيك عن الانضمام للجماعات المسلحة وتجار المخدرات والمهربين.
وقال ناريش سينغ، المستشار الرئيسي للتقرير، إن الدراسة الميدانية التي أجراها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في ديسمبر 2013، تركزت حول شكل وتأثير النزاع ونقاط الضعف وأنشطة سبل المعيشة والأصول والقدرات والاستحقاقات واستراتيجيات المواجهة وهياكل ومؤسسات وأفكار التحول التعافي المبكر وبرامج القدرة وسياسة التغيير.
حيث تشكل المحافظات الأربع المختارة نحو 25% من مجموع السكان في اليمن، وتضم تركيبتها السكانية ما يقرب من 50% من النساء ويعيش حوالي 80% من سكانها في المناطق الريفية.
وذكر التقرير، انه في حين طال تأثير الفقر ما يقرب من ثلث سكان اليمن في العام 2006، فإن هذا المعدل ارتفع إلى أكثر من نصف السكان بمعدل 54.4% في العام 2011،
وتنبغي الإشارة إلى أن الفقر ازداد في المناطق الريفية إلى 59% في 2011 من مستوى 47.6% ما قبل الأزمة.
ومن المحافظات المختارة تعتبر عمران الأعلى في معدلات الفقر 63.9% بناء على أرقام 2006 تليها محافظة حجة 47.5%، وأبين 45.6% وتعز 37.8%.
وطبقاً للتقرير، يقطن معظم فقراء اليمن في المناطق الريفية، إذ تتراوح نسبتهم بين 70.5% في عمران و 41.5% في تعز ويمكن أن تصل معدلات الفقر إلى 90% في بعض مناطق هذه المحافظات.
وقال التقرير، إن الأصول العامة والخاصة تضررت بشدة خلال الأزمة لاسيما في المدن التي شهدت اضطرابات مدنية ناجمة أساسا عن القذائف التي أطلقت من الأسلحة الثقيلة والخفيفة.
والتي أدت في معظم الحالات إلى تدمير جزئي للجدران والنوافذ ولأن قطاع البناء والتشييد واحد من أكبر القطاعات التي توفر فرص عمل في اليمن وخاصة الفقراء ومعظم العاملين فيه من الشباب.
فقد عانى القطاع من خسائر فادحة خلال الأزمة بفعل تعليق معظم أعمال البناء التي يمولها المستثمرون الأجانب والحكومة.
فيما نضبت الاستثمارات الخاصة فجأة وفقد الآلاف من العمال غير الرسميين وظائفهم، وتوقفت مبيعات العقارات فعليا خلال الأزمة.
يضاف إلى ذلك، الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي بسبب التخريب المستمر لخطوط نقل الطاقة الكهربائية من مأرب.
أما فيما يتعلق بقطاع التعليم فقد تعطلت خدماته على نحو خطير نتيجة للصراعات المسلحة واحتلال المدارس بصفة أساسية من قبل النازحين. وكذا تضرر جزء من البنية التحتية التعليمية خلال النزاع عام 2011.
وأدت الأزمة إلى ارتفاع معدلات الغياب بين لطلاب والمعلمين والموظفين الإداريين وقد ساهم عدم وجود أصول لسبل المعيشة مثل العمل والتعليم والمياه والأراضي إلى حد كبير في إذكاء النزاع.
وجاء في التقرير أنه “وبسبب النزاعات أصبحت علاقات الأسرة والمجتمع متوترة وهذا أدى إلى تفكك رأس المال الاجتماعي واعتماد استراتيجيات مواجهة سلبية من خلال التوتر على مستوى المجتمعات بسبب انتشار الأفكار السلبية والإيديولوجية المختلفة في جميع المناطق وانتشار الأسلحة والانقسامات بين المجتمعات وجنوح الشباب إلى الجماعات المسلحة وجماعات النهب”.
وأوصى التقرير الذي شمل العمليات الفورية وقصيرة المدى المطلوبة بشكل عاجل على إجراءات لدعم المجموعات الأشد هشاشة التي أجبرت على اتخاذ استرايتجيات تأقلم ضارة ومؤذية.
وتضم النازحين والعائدين والأسر التي لا عائل لها سواء الأسر التي أحد أفرادها مصاب بإعاقة أو مشاكل في الصحة العقلية، بسبب النزاع والنساء والأطفال الذين يعشون في المديريات المحاصرة، كما يجب تبني منظومة من السياسات يتم فرضها وإيصالها للمجتمعات بوضوح.
وخلصت الدراسة إلى أنه لكي يتمكن السكان من الحصول على سبل عيش كافية وآمنة وتنمية مستدامة فإنهم بحاجة إلى التمكين في الإطار المؤسسي والسياسات. يشار ان هذا التقرير يعد الأول من نوعه في اليمن.