حلم أخضر | تقرير: ماجد احمد التميمي
قبل انعقاد مؤتمر كوبنهاجن للمناخ وجهت حكومة دولة المالديف رسالة استغاثة للعالم، وكانت رسالة غريبة لكنها تحمل في طياتها مضامين عدة، فالرسالة قد تم توجيهها للعالم من تحت الماء بعد أن قام 11 وزيرا في الحكومة بعقد اجتماع استثنائي تحت مياه المحيط، أرادت المالديف من خلال ذلك تذكير العالم بالمخاطر التي قد تحدق بالدول الجزرية الصغيرة بسبب التغيرات المناخية، الاجتماع الذي تم على عمق خمسة امتار قد أعطى صوره واضحة للعالم عن الوضع الذي تعيشه المالديف ومعها الدول الجزرية.
المالديف ومعها الكثير من الدول الجزرية الصغيرة التي لا نشاهدها على الخارطه بسبب صغر مساحتها انضوت ضمن تحالف اطلق عليه (أوسيس) وهو تحالف لايزال يدعو الى خفض نسبة الانبعاثات العالمية الى اكثر من واحد ونصف درجه مئوية عن مستويات ما قبل الثورة الصناعية، حيث تتهدد هذه الدول مخاطر عديدة جراء انبعاث الغازات الدفيئة وابرز تلك المخاطر الاختفاء من الخارطة الكونية ، خاصة وان دول مثل المالديف وفتوفالو لا ترتفع عن مستوى سطح البحر سوى مترين فقط، وأي ارتفاع في مناسيب مياه المحيط قد يؤدي بهما الى الابتلاع في جوف المحيط.
رئيس المالديف قال في احدى تصريحاته ان استمر الوضع المناخي هكذا فسوف يضطر الى شراء دولة جديدة لشعبه ونقلهم اليها، في اشارة واضحة عن سوء الاوضاع التي قد تلحق بهذه الدولة التي تعد واحد من افضل المقاصد السياحية في العالم نظرا لما تتمتع به جزرها المرجانية من تنوع كبير ومدهش.
ليست المالديف هي الدولة الوحيدة التي باتت تستشعر خطر التغيرات المناخية بانعكاساتها السلبية على مناسيب المياه في المحيطات والتقلبات الطبيعية التي اوجدت عالما متغيرا وموحشا كما حدث في اندونيسيا اواخر العام 2004 رغم كونها الاقرب الى التأثر بحكم موقعها المتناهي وسط صفحة المحيط الهندي، إلا ان هناك الكثير من الدول الجزرية الصغيرة باتت اقرب ما يكون لهذا التأثير المناخي الذي انشأته تلك القدرة البشرية المتراكمة منذ عقود والتي انتجت كل ادوات الدمار التي ينظر اليها باعتبارها وجه الحضارة الابرز والأرقى.
تبدو قضية التغيرات المناخية اكثر عمقا وبعدا الان، حدث ذلك في لحظة زمنية طائشة بعد أن طغت الرأسمالية الدولية على كل المعايير الانسانية والوجودية ، ليمضي الانسان المتقدم في صهر الطبيعة وتوظيفها رغبة في إشباع نزواته اللامحدوده، سيطرت الدول الصناعية على مجريات السياسة الدولية من خلال صلابة اقتصادها وازدهاره ، لكنها في المقابل لم تحسب حسابا أن ذلك العنفوان الاقتصادي الطائر سوف يهدم المعبد على من فيه، ولهذا جاءت النتائج لتشكل مزيجا عكسيا بين ثقافة بناء متسارعة وثقافة هدم متسارعة ايضا، حصل ذلك في وقت اطلقت فيه هذه الدول العنان لمنشاتها الصناعية لتعبث في المحيط الحيوي وتطلق غازاتها وأبخرتها السامة في الفضاء حتى طغت تلك الغازات على المكون الطبيعي للأرض فأحدثت فيه اختلالا واسعا سرعان ما انقلبت موازينها الطبيعية لتتحول الى ادوات ناقمة خلفت ورائها هذا الاحترار الكوني العظيم.
لقد حمل شعار هذا العام ليوم البيئة العالمي الذي يصادف الخامس من يونيو من كل عام (ارفع صوتك .. لا مستوى سطح البحر) مضامين نوعية من خلال التأكيد على أحقية العيش بشكل متساو في هذا الكوكب دون اهمال او التقليل من اي شأن وهي رسالة واضحة تستنهض جانبا مهما وهو الاهتمام بالأخر مهما بداء صغيرا وضعيفا، لقد حثت الامم المتحدة الخطى هذه المرة نحو عوالم تلك الدول الجزرية الصغيرة المترامية فوق سطح المياه، من خلال صرخة ناهضه تحوي في طياتها أحقية إنسانية في العيش لتلك الدول الجزرية بعدما اثبتت النتائج العلمية قدرة التغيرات المناخية في طي معالمها الى الابد ، فقد حدث تحول مناخي مرعب، ويبدو الاحترار الكوني واحدا من تلك النماذج المخيفة التي تخفي مصيرا مجهولا لعوالم بشرية وطبيعية تشاركنا الحياة في هذا الكوكب.
تسعى الامم الى اعتناق هذا الجانب من مسئولياتها الانسانية بصوره تحمل دلالات عميقة على أهمية تجسيد التعايش الانساني كوحدة واحده دون أية فوارق، وتطمح من خلال ذلك الى رفع الوعي العالمي بأهمية هذه الدول وحمايتها من مخاطر التغيرات المناخية وزحف المياه والتضامن ما أمكن ضد ذلك السباق الصناعي المحموم.
وهنا في اليمن تتجه الانظار إلى حاضرتها وثغرها الباسم عدن كونها ستحتضن فعاليات هذا اليوم العالمي ومنها ستعلن عن تضامنها الكبير مع شعوب تلك الدول المحاصرة بفعل قباحة الانسان اللامحدودة.