fbpx

كيف يساهم البشر في تغيّر المناخ

حقوق الصورة: AP

كيف يساهم البشر في تغيّر المناخ وكيف تتم مقارنتها مع تأثيرات الطبيعة؟

حلم أخضر- تقرير من:  IPCC

يساهم النشاط الإنساني في تغيّر المناخ من خلال التسبب بتغيّرات في الغلاف الجوي للأرض وفي كميات غازات الدفيئة والهباء الجوي وزيادة الغيوم. ويشكل حرق الوقود الأحفوري أهم هذه النشاطات لأنه يرفع ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي.

وتؤثر غازات الدفيئة والهباء الجوي في المناخ من خلال مزج الإشعاع الشمسي الوارد بالأشعة ما دون الحمراء التي سيعاد عكسها، وهو الأمر الذي يؤمن توازن طاقة الأرض.

ويمكن أن يؤدي التغيّر في غزارة الغلاف الجوي أو في مبادئ هذه الغازات والجزئيات إلى تسخين النظام المناخي أو تبريده. ولم ينتج عن النشاط البشري منذ بدء الثورة الصناعية في السبعينيات من القرن الماضي. إلا تأثير واحد هو الإحترار. وقد تسارع التأثير البشري على المناخ في هذه الحقبة بسبب تغيّرات في الآليات العادية مثل التالي:

غازات الدفيئة:

ينتج عن النشاطات البشرية تسرّب أربعة غازات دفيئة أساسية هي: ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز والهلوكربون (وهو مجموعة غازات تحتوي على الفلويورين والكلورين والبرومين).

وتتجمع هذه الغازات في الغلاف الجوي وتتسبب بزيادة تركيزها مع الوقت. وقد سجّلت زيادات ملحوظة لهذه الغازات في الحقبة الصناعية (راجع الرسم 1) وتنسب كافة هذه الزيادات إلى النشاطات البشرية.

  • لقد إزداد ثاني أكسيد الكربون نتيجة الوقود الأحفوري المستعمل في النقل وفي البناء في المكيّفات الهوائية وفي صناعة الإسمنت وسلع أخرى. وتبعث إزالة الغابات ثاني أكسيد الكربون وتقلّص قدرة النباتات على امتصاصه. كما ينبعث ثاني أكسيد الكربون من عمليات طبيعية أخرى كتلاشي بعض الكائنات النباتية.
  • لقد ازداد الميثان نتيجة النشاطات البشرية المتصلة بالزراعة وتوزيع الغاز الطبيعي ودفن الأشياء في باطن الأرض. كما ينبعث الميثان من عمليات طبيعية تحصل على سبيل المثال في الأراضي الرطبة. لا تتزايد تركيزات الميثان في الوقت الراهن في الغلاف الجوي لأن معدّلات الزيادة قد انخفضت على مدى العقدين المنصرمين.
  • ينبعث أكسيد النيترس أيضاً بسبب النشاطات الإنسانية مثل استعمال الأسمدة وحرق الوقود الأحفوري، كما ينبعث من عمليات أخرى في التربة والمحيطات.
  • لقد تنامت تركيزات الهلوكربون بنسبة كبيرة بسبب النشاطات الإنسانية، ونتيجة العمليات الطبيعية أيضاً لكن بنسبة أقل. وتشمل الهلوكربونات الكلوروفلورو كربون (مثل -11 CFC و CFC -12) الذي جرى استعمالها كثيراً كعوامل تجليد وفي العمليات الصناعية الأخرى قبل أن يكتشف العلماء أن وجودها يؤدي إلى استنزاف الجزء الأعلى من الغلاف الجوي للأوزون. وأخذت غزارة غازات الكلوروفليوكربون تنخفض في الآونة الأخيرة بفضل التعديلات الدولية من أجل حماية طبقة الأوزون.
  • يشكل الأوزون أحد غازات الدفيئة التي يتم إنتاجها وتدميرها باستمرار نتيجة التفاعلات الكيميائية. ولقد زادت النشاطات الإنسانية نسبة الأوزون في الجزء الأعلى من الغلاف الجوي من خلال نفث بعض الغازات كمونوكسيد الكربون والهيدروكربون وأكسيد النيتروجين التي تتفاعل كيميائياً وتنتج الأوزون.
  • ويدمر الأوزون الناتج عن النشاطات الإنسانية الأوزون في الجزء الأعلى من الغلاف الجوي، وقد تسبب بثقب الأوزون فوق القطب الجنوبي.
تركيزات غازات الدفيئة المعمرة في الغلاف الجوي
تركيزات غازات الدفيئة المعمرة في الغلاف الجوي/المصدر: IPCC

الرسم 1: تركيزات غازات الدفيئة المعمرة في الغلاف الجوي خلال الألفي سنة الماضية. إزدادت هذه الغازات منذ العام 1750. وهي تنسب إلى النشاط الإنساني في الحقبة الصناعية. يعبر عن وحدة قياس التركيز بالجزء في المليون أو المليار. ويدل هذا القياس على عدد جزيئات غاز الدفيئة في المليون أو المليار جزيئة، على التوالي في عينة من الغلاف الجوي. (المعلومات تم تجميعها وتلخيصها من الأقسام 6 ﻮ2 من التقرير)

  • ينتج بخار الماء غاز الدفيئة الأكثر غزارة وأهمية في الغلاف الجوي. وتجدر الإشارة إلى أن النشاط البشري لا يؤثر إلا قليلاً على كمية بخار الماء في الغلاف الجوي. ويملك البشر القدرة على التأثير على بخار الماء بطريقة غير مباشرة من خلال تغيير المناخ فعلياً.

على سبيل المثال، يحتوي غلاف جوي أكثر حرارة على كمية أكبر من بخار الماء. كما تؤثر النشاطات البشرية على بخار الماء عبر غاز HC4 الذي تبثه؛ ويؤدي هذا الغاز إلى تدمير كيميائي في الجزء الأعلى من الغلاف الجوي عبر إصدار كميات قليلة من بخار الماء.

  • يشكل الهباء الجوي جزئيات صغيرة تتواجد في الغلاف الجوي بأحجام وتركيز وتركيبات كيميائية مختلفة. بعض الهباء الجوي يتم بثه مباشرة في الغلاف الجوي في حين يتشكل جزء أخر من خلال التركيبات الصادرة. يشمل الهباء الجوي التركيبات الطبيعية والتركيبات الناتجة عن النشاط البشري.

لقد زاد إحتراق الوقود الأحفوري والكتلة الأحيائية من تركيبات الكبريت في الهباء الجوي إلى جانب التركيبات العضوية والكربون الأسود. وأدّت نشاطات الإنسان في المناجم وفي العمليات الصناعية إلى تزايد الغبار في الغلاف الجوي.

ويحتوي الغلاف الجوي الطبيعي على الغبار المعدني الناتج عن الأرض وعن ملح البحر في الهباء الجوي وعن الإنبعاثات البيوجينية من الأرض والمحيطات والكبريت, بالإضافة إلى غبار الهباء الجوي الناتج عن الإنفجارات البركانية.

عوامل التأثير الإشعاعي التي تتضرر بسبب نشاط الإنسان

لقد تم توضيح المساهمات في التأثير الإشعاعي من جراء بعض العوامل المتأثرة بنشاط الإنسان في الرسم ٢. وتعكس النتائج مجمل التأثيرات المتعلقة بالحقبة الصناعية (منذ العام 1750).

لقد إزدادت تأثيرات كافة غازات الدفيئة. إن الغازات الناتجة عن الإنسان إيجابية إذ يمتص كل غاز منها الإشعاع ما دون الأحمر الصادر إلى الغلاف الجوي.

وقد أدّت زيادة ثاني أكسيد الكربون، من بين غازات الدفيئة كلها، إلى إحداث أكبر تأثير إبان هذه المرحلة. وقد ساهم أوزون الطبقة السفلى من الغلاف الجوي بالإحترار في حين أدّى إنخفاض أوزون الجزء الأعلى من الغلاف الجوي إلى التبريد.

تؤثر سلائف الهباء الجوي في التأثير الإشعاعي من خلال عكس الإشعاعات ما دون الحمراء والشمسية في الغلاف الجوي ومن خلال إمتصاصه. تنتج بعض الأهباء الجوية تأثيراً إيجابياً.

في حين تتسبب أخرى بتأثير سلبي. أما التأثير الإشعاعي المباشر الحاصل في كافة أشكال الهباء الجوي فهو سلبي. ويتسبب الهباء الجوي بطريقة غير مباشرة بتأثير إشعاعي سلبي من خلال التغيّرات التي يحدثها في خصائص السحب.

لقد بدّلت نشاطات الإنسان طبيعة سطح الأرض منذ الحقبة الصناعية من جراء التغيّرات في النباتات والمراعي والغابات والأراضي الزراعية بشكل رئيسي. كما عدّلت النشاطات البشرية الخصائص الإشعاعية للثلج والجليد.

وفي المحصلة, يبدو أن إنعكاس الإشعاعات الشمسية يجري بنسب أكبر على سطح الأرض نتيجة النشاطات البشرية. ويؤدي هذا التغيير إلى تأثيرٍ سلبي.

 الرسم 2: ملخّص حول المكوّنات الرئيسية للتأثير الإشعاعي في تغيّر المناخ.

تنتج كل هذه التأثيرات الإشعاعية عن عامل أو أكثر يطال المناخ، العوامل البشرية المنشأ أو الطبيعية المنشأ (راجع النص). تشير الأرقام إلى التأثيرات الإشعاعية في العام 2005 المرتبطة بأرقام رُصدت في بداية الحقبة الصناعية في العام 1750.

يؤدي النشاط البشري إلى تغيّر ملحوظ في الغازات المعمّرة وفي الأوزون وتبخر الماء وسطح البياض والهباء الجوي والنزر الخطية. لقد سجّل الإزدياد في التأثير الطبيعي الأكثر أهمية بين العامين 1750 و 2005، بسبب الإشعاع الشمسي. أدّى التأثير الإشعاعي الإيجابي إلى الإحترار في حين أدّى التأثير الإشعاعي السلبي إلى التبريد. يرمز الخط الأسود السميك المتصل بالجداول الملوّنة إلى هامش الشك في كل قيمة. (تمت أقلمة الرسم من التقرير)

الرسم 2
الرسم 2: التأثير الاشعاعي 1750 – 2005./ المصدر: IPCC

السؤال 1-2، إطار 1: ما هو التأثير الإشعاعي؟

غالباً ما يتم تقييم تأثير عاملٍ قادرٍ على تغيير المناخ، كغاز الدفيئة، من حيث تأثيره الإشعاعي. والتأثير الإشعاعي هو قياس يعكس كيفية تأثّر توازن الطاقة في نظام الأرض-الغلاف الجوي عند تغيّر العوامل المؤثّرة بالمناخ.

وتُستعمل مفردة «إشعاعي» لأن تلك العوامل تغيّر التوازن بين الإشعاع الشمسي الوارد والإشعاع ما دون الأحمر الخارج في الغلاف الجوي. ويسيطر هذا التوازن على حرارة سطح الأرض. أما مفردة «تأثير» فتشير إلى إبتعاد توازن الأرض الإشعاعي عن حالته الطبيعية.

ويتم تحديد كمية التأثير الإشعاعي عادة على اعتبار أنه نسبة تغيّر الطاقة للوحدة المكانية الواحدة على الكرة الأرضية تُقاس في أعلى الغلاف الجوي، بالواط للمتر المربّع الواحد (راجع الرسم 2).

عندما يتم تقييم التأثير الإشعاعي الناتج عن عامل واحد أو عدة عوامل على أنه تأثير إيجابي، تزيد طاقة نظام الأرض-الغلاف الجوي في النهاية،

الأمر الذي سيؤدي إلى إحترار النظام. والعكس صحيح، فبوجود تأثير إشعاعي سلبي، تنخفض الطاقة في النهاية، ما يؤدي إلى تبريد النظام.

أما التحديات الهامة التي سيواجهها علماء المناخ فتكمن في تحديد كافة العوامل المؤثرة بالمناخ والآليات التي تولّد عبرها تأثيراً، وذلك بغية تحديد كمية التأثير الإشعاعي لكل من العوامل ومن أجل تقييم إجمالي التأثير الإشعاعي الناتج عن مجموعة العوامل.

وتحدث السفن الهوائية تركيز نزر خطيّة في المناطق التي تتمتع بحرارة منخفضة وبرطوبة مرتفعة. وتعرّف الآثار الترسبية بأنها نوع من السحب العالية التي تعكس الإشعاع الشمسي وتمتص الإشعاع ما دون الأحمر.

لقد ضاعفت هذه السحب الخطية الناتجة عن عمليات السفن الكونية من نسبة الغيوم كما يتوقع أن تنتج تأثيراًً إشعاعياً إيجابياً بسيطاً.

التأثير الإشعاعي الناتج عن التغيّرات الطبيعية

تحدث التأثيرات الطبيعية من جراء التغيّرات الشمسية والإنفجارات البركانية. لقد تكاثرت المخرجات الشمسية تدريجياً إبان الثورة الصناعية محدثة تأثيراً إشعاعياً إيجابياً بسيطاً (الرسم 2).

وذلك إلى جانب التغيّرات الدورية في الإشعاع الشمسي التي تتبع دورة 11 عاماً. ترفع الطاقة الشمسية درجة حرارة النظام المناخي مباشرة كما يمكنها أن تؤثر على غزارة بعض غازات الدفيئة في الغلاف الجوي، مثل الأوزون الستراتوسفيري.

تستطيع الإنفجارات البركانية أن تنتج تأثيرات سلبية قصيرة العمر (من سنتين إلى 3 سنوات) عبر الزيادات المؤقتة لكبريت الهباء الجوي في الستراتوسفير. في الوقت الراهن, يخلو الستراتوسفير من الهباء الجوي البركاني حيث حصل أخر انفجار بركاني في العام 1991 (جبل بيناتوبو).

إن التأثير الإشعاعي المتوقع حصوله في الوقت الحاضر وفي بداية الحقبة الصناعية بسبب تغيّرات الإشعاع الشمسي والبراكين، هو أقل بكثير من تغيّر التأثير الإشعاعي المتوقع حصوله بسبب النشاطات البشرية.

وفي المحصلة، يمكن القول إن التأثير الإشعاعي في الغلاف الجوي الناتج عن النشاط البشري أكثر فاعلية على المناخ الحالي والمستقبلي من التأثير الإشعاعي المتوقع حدوثه من جراء التغيّر في عمليات طبيعية.

* المصدر:  تقرير قاعدة العلوم الفيزيائية/ الفريق الدولي المعني بتغير المناخ IPCC

تعليقات
Loading...

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط
error: Content is protected !!