حلم أخضر | بقلم: فيصل الصوفي
رجل دين يلقب بالمهدي مشغول بتقليب القمامات القديمة يصر على حشري في التحيزات المذهبية وإشغالي في”المقلب” الذي أتأفف منه، رغم أني قد قلت مرارا إنه ليس لدي أي التزام مذهبي لا سني ولا شيعي ولا ناصبي ولا رافضي.
الرجل يأخذ علي مهاجمة تنظيم القاعدة، ويعتبرني لذلك ضد أهل السنة، فعنده أن تنظيم القاعدة الإرهابي زبدة أهل السنة ومن هاجمه فهو عدو لأهل السنة جميعا ومتحالف مع الروافض والنواصب والغرب أيضا!!
كل هذا لمجرد أني طلبت منه أن يأتي بدليل على “إرهاب الحوثيين” مقابل إرهاب القاعدة، وذلك عندما زعم أني غير منصف لأني أهاجم هؤلاء واسكت عن أولئك. وقد قلت أن موقفي تجاه (القاعدة) ليس لأنهم سنة ولا لأن الحوثيين شيعة، فهذه مسألة لا تعنيني، فما يعنيني هو الخصومة مع السلوك الإرهابي نفسه بغض النظر عن دين أو مذهب فاعله.. لكن الرجل مهموم بالمذهبية ولا يتصور لوجوده معنى إلا بتقليب قماماتها القديمة. فما دمت قلت قلت كذا فأنت شيعي، وما دمت قد قلت كذا فأنت عدو أهل السنة، وما دمت لم تكتب وكذا كذا فأنت غربي علماني! لقد احتار الرجل في أمري بكثرة التصنيفات، بينما نهجي واضح.
إني كما قلت أتأفف من مقلب القمامة الذي ينبش فيه المهدي، بالله عليكم ما الجدوى في تعميق الصراع السني الشيعي؟ لماذا يريد أهل السنة أن يكون الشيعي سنيا ولماذا يستخدم الشيعي تراثه لاستفزاز السني؟ بينما بمقدور أتباع كل مذهب أن يعترفوا بوجود الآخر كما هو، ويتعايشون أو يتواصلون معه كما هو..
لا سبيل للتقريب بين السنة والشيعة، الاختلاف والخلاف قديم ويرجع إلى بواكير التاريخ الإسلامي، والخلاف جوهري يتعلق بالعقائد والعبادات والفلسفة السياسية، وليس مجرد عوارض وشكليات، وينبغي أن يتبادلوا الاعتراف بذلك والإقرار به. ما يدين به كل طرف صار راسخا في التراث وترسخ أكثر بمراجع ومرجعيات وصراعات ومذابح واحتفالات وعوامل كثيرة، ولا سبيل للتراجع والمراجعة وقد صارت هذا هي الحالة..
لقد استعصى القضاء على مذهب الخوارج الذي تعاضد ضده السنة والشيعة منذ أيام الامام علي وإلى اليوم، وكم هو عدد الخوارج؟ لقد صار المذهب الأباضي اليوم سائدا في سلطنة عمان؟ فما بالكم بالمذهب الشيعي وأتباعه أكثر من ربع عدد المسلمين، منتشرين في إيران والعراق والسعودية واليمن ولبنان وسوريا والبحرين وقطر والإمارات وافغانستان وباكستان وبلدان أخرى.
* نقلاً عن صحيفة 14 أكتوبر.