حلم أخضر – أبو أحمد السيباني
كشفت دراسة محلية حديثة، عن وجود نفايات خطرة في محافظة شبوة جنوب اليمن، تسببت بالكثير من الأضرار الصحية والبيئية للسكان والمنطقة على حد سواء.
الدراسة التي حملت عنوان “النفط المسموم”، والمقدمة من أحد مكونات “الحراك الجنوبي” إلى مؤتمر الحوار الوطني في العاصمة صنعاء، أشارت إلى وجود مقابر لدفن النفايات الكيماوية الخطيرة في مديرية “عرماء” بمحافظة شبوة، تسببت بإصابة العشرات بأمراض سرطانية، على حد وصفها.
وقال معد الدراسة، الدكتور حسين مثنى العاقل، أن “كشف هذه الحقائق المخيفة يأتي من منطلق استشعار مسؤولية الواجب الوطني لإثبات الجرائم المرتكبة بحق المواطنين، وإيضاح مظاهر العبث والاستباحة للثروة النفطية”، مشيراً الى أن هذه الدراسة بمثابة بلاغ للجهات المعنية للقيام بواجبها.
وقال الدكتور العاقل:” هذه مسئولية كل من له علاقة باتخاذ الإجراءات القانونية، لإيقاف التلوث البيئي في محافظتي شبوة وحضرموت، وعلى وجه الخصوص في مديريات إنتاج النفط والغاز الطبيعي، والتي تتركز في مديريات “عسيلان وجردان وعرماء” بمحافظة شبوة، ومثلها مديريات “غيل بن يمين، والضليعة، ورخية، وقريعا، ووادي عمد/رخية” في محافظة حضرموت جنوبي البلاد.
إتهام شركات النفط بتلويث البيئة
وعلى ذات السياق، تصاعدت في الآونة الأخيرة تحذيرات محلية اطلقها خبراء ومختصون من سكان المنطقة، من تعرض مناطق إنتاج النفط في محافظة شبوة، لكوارث التلوث البيئي، وتحديداً جراء دفن الشركات للنفايات الكيماوية والتي يعتقد أن بعضها قد تكون سامة، وسط تجاهل جهات حكومية، وتواطؤ مسئولون حكوميون مع شركات النفط العالمية العاملة بالمنطقة.
واتهمت مصادر محلية “فضلت عدم ذكر أسمها”، عدداً من شركات النفط العاملة في شبوة، والتي قالت أنها “متورطة في احداث التلوث”، وقالت المصادر أن من بين الشركات المتسببة بالتلوث “الشركة النمساوية OMV العاملة في قطاع العقلة S2، و”الشركة الأسترالية أويل سيرش Oil Search” العاملة في منطقة شبوة القديمة.
نسب تلوث مرتفعة
وبحسب الدراسة المقدمة الى مؤتمر الحوار الوطني، كشف أحد الباحثين الأكاديميين قبل عدة سنوات بأن نسبة التلوث بلغت نحو 50 % بحسب ما نشرته المجلات والنشرات الدورية الصادرة عن الشركات العاملة، وأن الأخطر في مضاعفات المشكلة هو التعتيم الشديد من قبل الشركات النفطية العاملة عن تقديم المعلومات.
وحول تفشي ظاهرة التلوث البيئي في وادي المسيلة، أكدت المصادر أن الجمعية الحضرمية بصنعاء كانت قد قررت في عامي 1997- 1998 تحريك هذا الملف مع أحد المراكز الدولية بعد أن شاعت حوادث نفوق بعض الحيوانات في مديرية “غيل بن يمين”، أدت الى ذبول المحاصيل الزراعية، وتغير لون مياه الشرب بوادي “النعر” بحضرموت.
إلى ذلك، ارتفعت عدد الشكاوي التي تقدم بها السكان المحليين المقييمن في مديريات إنتاج النفط بمحافظة شبوة، نتيجة لما تعرضوا له من حوادث غريبة قالوا أنها “تهدد حياتهم”، وتلوث الأرض والأجواء في بيئتهم المحلية.
وأرفقت الدراسة ذاتها التي جاءت في أحد ملاحق الرؤية عددا من الصور والوثائق التي تؤكد وترصد مواقع مناطق التلوث والابار المكشوفة ومدافن النفايات بالمنطقة، الى جانب وثائق ومذكرات تؤكد اصابة العشرات ممن يقيمون بالمناطق المجاوره لمدافن النفايات بامراض كسرطان الدم وغيرها.
تواطؤ المسؤولين
وأوضحت الدراسة أن مظاهر التلوث النفطي، جاءت نتيجة دفن النفايات الخطيرة من قبل الشركات النفطية، بتواطؤ وحماية زعماء قبائل، مع عدد من القيادات العسكرية النافذة.
واعتبرت الدراسة، أن ذلك يعد عملاً مداناً ومرفوضاً أخلاقياً وإنسانياً، كما اعتبرته سلوكاً محرماً شرعاً وقانوناً، يحتم على كل الجنوبيين تحديداً، والهيئات والمنظمات المحلية الإقليمية والدولية عامة، إلى التحرك العاجل لوقف عمليات النهب والتخريب، ووضع حد نهائي لجرائم التلوث البيئي، والتي تتم نتيجة استنزاف المخزون النفطي ودفن النفايات السامة، محذرة من خطورتها وعواقب نتائجها الكارثية على حياة السكان والكائنات البيئية والتنوع الحيوي.
كوارث متوقعة
وأعربت الدراسة عن قلقها من حدوث كوارث آنية ومستقبلية لمكونات البيئة في “وادي المسيلة”، سبق التحذير منها، ومنها:ظاهرة تلوث مياه الآبار الجوفية في مديرية “غيل بن يمين”، والذي تسببت به الشركات النفطية في قطاع المسيلة عند استخراجها النفط، واستخدامها عمليات ما يسمى “بإعادة حقن الماء” إلى أعماق الآبار النفطية أثناء عملية فصل الماء عن البترول.
وهو الأمر الذي يؤدي إلى تسرب كميات كبيرة من النفط الى طبقات الأرض السفلى الحاضنة للنفط، والمعروفة علمياً بطبقة “الحرشيات” وهو ما أسمته الدراسة:عاملاً مساعداً على اتساع رقعة تلوث المياه العذبة النقية.