fbpx

قصة العنب اليمني

عنب أسود في صنعاء / اليمن

حلم أخضر – (خاص) فريق التحرير

يصنف العنب اليمني باعتباره الأجود على مستوى دول العالم، ويكتسب شهرته الضاربة منذ القدم، من تنوع أصنافه والوانه وأشكاله، والتي تنتجها مزارع كثيرة منتشرة في العديد من المحافظات خاصة محافظة صنعاء التي تصدر سنويا زهاء 80% من الإنتاج العام لفاكهة العنب في اليمن، فضلاً عن تحوله الى الزبيب بمذاقه الخاص واللذيذ والأجود عالمياً.

لماذا ارتبط اسم اليمن بالعنب؟

منذ ما قبل التاريخ، اكتشف اليمنيون ان بلادهم يتنوع فيها المناخ وتتعدد فيها التربة الصالحة للزراعة، فأقدموا على زراعة الفواكه بمختلف أصنافها ومسمياتها. وظهر العنب اليمني كواحد من أهم المحاصيل التي اكتسبت شهرة عالمية لجودته وتميز طعمه وكثرة أصنافه.

وفي ممالك سبأ القديمة، اشتهر اليمنيين بكونهم فلاحون مهرة، استطاعوا تطويع الأرض الزراعية، وبنوا السدود وشيدوا الحدائق الزراعية المعلقة فوق الجبال والمعروفة بـ “المصاطب”، أو المدرجات الزراعية. وتمكنوا من تطوير الزراعة وبرعوا في زراعة الحبوب والعنب والنخيل وغيرها.

كانت ارض اليمن تعرف بأرض الجنتين. وكانت أحد الالهة اليمنية القديمة تعرف بـ آلهة الخمرة (الكروم) أي العنب الذي يصنع منه الخمر والنبيذ.

وبحسب افادة  وخبير النقوش والاثار الباحث معمر الشرجبي، فأن التماثيل اليمنية القديمة، تشير الى آلهة الخمرة في اليمن القديم، وهي من روائع القطع والآثار اليمنية الموجودة في المتاحف العالمية. حيث يبرز لوح من المرمر منحوت عليه بإبداع يفوق الوصف رسوم بشرية وحيوانية ونباتية. ويظهر فيه نحت يصور آلهة الخمـر اليمنية، وليست آلهة الاغريق أو اليونان أو فلسطين أو باقي الأرض العربية بل آلهة الخمرة عند اليمن القديم.

ويظهر ذلك النحت نصف جسد الآلهة مغطى بأوراق وعناقيد العنب الذي اشتهرت به اليمن منذ فجر التاريخ، وتظهر أوراق العنب في النحت متمايلة ومتموجة وكأنها صورة فوتوغرافية لورقة عنب حقيقية.

وبحسب موقع متحف (والترز) للفنون في “بالتيمور” بالولايات المتحدة الأمريكية، فإن اللوحة الشهيرة لآلهة الخمرة في اليمن، هي من مدينة مأرب ويعود تاريخها الى منتصف القرن الثاني الميلادي. وتلك اللوحة التي تحدث عنها الباحث الشرجبي هي التي تم وضعها على العملة اليمنية للفئة النقدية لورقة فئة العشرون ريـالاً يمنياً.

ملكة العنب الهة الخمرة باليمن القديم
ملكة العنب الهة الخمرة باليمن القديم فوق عملة 20 ريال يمني

أصناف العنب اليمني الشهير

وفقاً للموسوعة اليمنية، بلغت عدد أصناف العنب الذي كان يزرع في مناطق اليمن، إلى ما يقارب الـ 60 صنفاً من العنب، وهو ما ذكره كتاب: “رحلة الى شبة الجزيرة العربية” للعالم الألماني كارستين نيبور، رئيس البعثة العلمية الدنماركية الذي زارت اليمن سنة 1762.

ويذكر رجل الدين المسيحي الشهير، الأب بطرس جبرائيل يوسف، المعروف باسم “انستاس الكرملي في كتابه “معجم الألفاظ اليمنية” نقلاً عن المؤرخ الواسعي ان اصناف العنب اليمني كما هي مرتبة على حروف المعجم هي: “الأشهب. أصابع زينب. أطراف العذارى. البياض. بيض الحمام. التبوكي. التربي. الجرشي. الجوزة. الجوفي. الحاتمي. الحبشي. الحسيني. الحمنان. الحلواني. الدربج. الدولالي. الذيبيني. الرومي. الزيتون. الزبدي. السكري. السيسبان. الشامي. الضروع. العذارى. العرقي. عيون البقر. القبر. القزاقز. القوارير. القهمي. الكشمش. المختم. الملاحي. الناهر. الوادي. النواسي. النشاني. الرازقي”.

حقول العنب في “بني حشيش” صنعاء – تصوير محمد الحكيمي/ حلم أخضر 2018.

 

لكن هذه الأصناف تقلصت منذ مطلع القرن العشرين الى 40 صنفاً، وتشير جريدة (الحياة) اللندنية ان 28 صنفاً من العنب عرضت في المعرض الزراعي والصناعي الأول الذي أقامته وزارة الأشغال العامة في اليمن سنة 1963 بمناسبة العيد الأول لثورة 26 سبتمبر.

اليوم، زاد تقلص أنواع العنب اليمني أكثر خلال العقد الأخير، وما يزرع حالياً يصل الى ما بين 16 – 20 صنفاً من أصناف العنب الذي تزخر به الأسواق اليمنية، وهذه الأصناف هي: ” العنب البياض، العنب الرازقي، العنب العاصمي، العنب الأسود العادي، العنب الحاتمي، العنب الزيتوني، العنب الجوفي، عنب قوارير، عنب أطراف قريمي، عنب بياض فشان، عنب جُبري، عنب اسود حدرم، عنب اسود الدوال، العنب الحسيني، عنب اسود عذاري” وغيرها.

حقول العنب في بني حشيش - تصوير علي محرز
حقول العنب في منطقة “بني حشيش”/ تصوير: علي محرز

مواصفات العنب اليمني ومناطق زراعته

يقسم المزارعون اليمنيون العنب بحسب لونه، فهناك العسلي اللون والأبيض والأسود، ويندرج تحت كل منها أصناف متعددة. ووفقاً للمعلومات يعتبر صنف العنب “الرازقي” من أهم الأصناف المنتشرة في اليمن، ويزرع على نطاق واسع، وهو لا يحتوي على بذور، ويتميز بمذاقه اللذيذ جداً. وينتج الهكتار (مساحة تساوي 10,000 متر مربع) الزراعي الواحد من العنب الرازقي قرابة 44 الف كيلو غرام، وتزن 100 ثمرة منه نحو 250 جرام، وتتراوح نسبة السكر فيه ما بين 20 – 25 في المائة، وهو المفضل في صناعة الزبيب وأيضاً الاستهلاك الطازج وحجم ثمراته صغيرة لونها أصفر ضارب الى الخضرة بعض الشيء.

حقول عنب في “بني حشيش” – تصوير: محمد الحكيمي (حلم أخضر)

أما صنف العنب الأسود فهو متأخر النضج لونه اسود جذاب يزن العنقود فيه من 400 -600 غرام، وتزن 100 ثمرة منه 400 غم، ونسبة السكر 24 %، وتحتوي الثمرة منه على بذرتين.

وهناك أيضاً العنب “العاصمي” ذو اللون القرنفلي أو الأحمر الوردي. وهذا الصنف متأخر النضج وحتى تعتبر هذه الأصناف معروفة عالمياً كماً وكيفاً، فهي تحتوي مادة الجلوكوز والفركتوز السهلة الهضم وتحتوي أملاحاً معدنية وعضوية والفيتامينات.

بحسب بيانات وزراعة الزراعة والري، تنتشر زراعة العنب اليمني في محافظات: صنعاء وصعدة في الوقت الحاضر، وقد اندثرت زراعته في مناطق متعددة كثيرة مثل: أمانة العاصمة صنعاء، ذمار، إب، تعز، البيضاء، رداع، وكذلك محافظة عمران.

ووفقاً لخارطة محاصيل الفاكهة في الجمهورية اليمنية، التي أعدها الدكتور عبد الواحد عثمان مكرد، أن هناك شواهد على زراعة العنب في مناطق جديدة مثل: مأرب، والجوف، وشبوه، ووادي حضرموت، بل وحتى المناطق الساحلية في لحج وأبين.

عنب رازقي “بني حشيش” – تصوير: حلم أخضر

ووفقاً للمعلومات، غالبا ما يكون بدء موسم العنب 4 أشهر تبدأ من يوليو حتى نهاية أكتوبر وتبدأ مزارع العنب في اليمن في إنتاج نوعين شهيرين منذ مطلع يوليو هما الجبري والعرقي، والذين تنتجهما مزارع حاشد وأرحب بمحافظة صنعاء ثم تأتي بقية الأنواع تباعا من كل مزارع المحافظة والمحافظات الأخرى التي يستمر انتاجها حتى نهاية أكتوبر من كل عام.

وفي منطقة “بني حشيش” ومنطقة “شبام الغراس” في بداية موسم العنب يكون العنب الصغير “الرازقي” هو المتقدم على جميع الأصناف، وبعده يأتي متزامنا العنب “الأسود” و”العاصمي”، ويبدأ المزارعون بجمع الثمار الناضجة من كل صنف وتسويقه أولاً بأول، ويعمل الناس في محافظة صنعاء بزراعة العنب والزبيب، حيث يبدأ الموسم في نهاية شهر “تموز” وبدية “آب” وفقا لحسابات الفلاحين المحليين.

عنب اسود من مزارع صعدة شمال اليمن

تراجع مساحة زراعة العنب

في العام 1996 كانت المساحات الزراعية المزروعة بالعنب في اليمن تبلغ حوالي 21,209 ألف هكتار، وكان الإنتاج للعنب يصل قرابة 98 ألف طن عام 1996. وفقاً لوزارة الزراعة.

لكن هذه المساحة تراجعت الى معدل النصف، ويعزى سبب تراجع زراعة العنب الى كونه أصبح ضحية الحرب وزيادة التوسع العمراني وبناء العقارات، وتزايد الجفاف وشح المياه.

قبل الحرب الراهنة التي يشنها التحالف العربي بقيادة السعودية على اليمن منذ مارس 2015، كانت المساحة المزروعة للعنب في اليمن تقدر بحوالي 13.613 ألف هكتاراً وفقاً لإحصاءات العام 2013.

وبحسب تقارير حديثة، تقلصت تلك المساحة في العام 2016 إلى 11.744 ألف هكتاراً وفقا لبيانات وزارة الزراعة والري، والتي أشارت في تقرير جريدة (العربي الجديد) أن إنتاج محاصيل العنب انخفض إلى 146.730 طناً في العام 2015، وفي العام 2016 انخفض إلى 130.234 طناً، بفارق 16.496 ألف طن.

ويعتبر العائد النقدي للعنب مربح جداً للمزارعين، وهو يفوق ارباح القات، وتشير إحصاءات وزراعة الزراعة اليمنية للعام 2000، ان صافي عائد هكتار العنب يبلغ 8.177 ألف ريال يمني، بينما يصل عائد هكتار القات 3.87 ألف ريـال يمني. (وفق بيانات سنة 2000)

انفوجرافيك: حلم أخضر
تعليقات
Loading...

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط
error: Content is protected !!