08 فبراير/شباط، 2013
♦ ليا سيغهارت*
يعتبر اليمن من بين أكثر البلدان العربية تأثرا بالتغيرات المناخية، ناهيك عما يواجهها من تحديات إنمائية هائلة.
بالإضافة إلى موجات السيول والجفاف التي يتكرر حدوثها، يؤثر تغير المناخ يؤثر على إمدادات المياه الشحيحة به بالفعل – ويجعلها أكثر ندرة.
وتخضع المراكز الحضرية في اليمن لضغوط شديدة في مجال المياه، كما تتعرض سبل كسب الرزق لسكان الريف بأعدادهم الكبيرة للخطر، وهم يعتمدون اعتماداً كبيراً على الزراعة.
وفي ضوء التحديات الناشئة عن تغير المناخ، اُختير اليمن ضمن 9 بلدان حول العالم يتم فيها تنفيذ مشروع تجريبي موحد للمشاركة في البرنامج التجريبي المعني بالمرونة إزاء المناخ التابع للبنك الدولي.
ويهدف هذا البرنامج، الذي يحظى بدعم من صندوقيّ الاستثمار في الأنشطة المناخية، إلى مساعدة الدول في إدارة المخاطر والفرص الناشئة عن تقلب المناخ وتغيره، مع مراعاة تلك الأكثر عرضه لهذه المخاطر.
والبرنامج التجريبي عبارة عن عملية معقدة ولكنها شاملة ودقيقة تبدأ بإستراتيجية للتنفيذ من خلال عملية تشاور مدتها عامين بين الجهات المعنية.
وقد اغتنم اليمن الفرصة وتبنى هذا البرنامج، وشكلت الحكومة لجنة وزارية بين الوزارات المعنية بتغير المناخ، وتمضي هذه الوزارات قدما في عملية تنفيذ البرنامج.
يدعم هذا البرنامج ثلاث مجالات رئيسية للاستثمار في اليمن: وهي إنشاء نظام قوي للمعلومات المناخية وضمان التنسيق بين كافة الوكالات المعنية في البرنامج؛ والإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية؛ وبناء قدرات المجتمعات المحلية الريفية على مواجهة الآثار الناجمة عن تغير المناخ.
ويجري العمل حاليا على أول عملية استثمار في هذا الصدد، والتي انطلقت بإجراء مشاورات استغرقت خمسة أيام في القاهرة في يوليو/ تموز الماضي.
وعُقد هذا الاجتماع خارج اليمن لتجنب أية تأخيرات محتملة بسبب القيود التي كانت مفروضة على السفر إلى اليمن في ذلك الحين.
وفي إشارة إلى حماسهم واهتمامهم، حضر الاجتماع ممثلون لمجموعة واسعة من هيئات الحكومة اليمنية.
وترأست الوفد هيئة حماية البيئة، وشمل ممثلين عن وزارة الزراعة والري، ووزارة التخطيط والتعاون الدولي، وهيئة البحوث والإرشاد الزراعي، وهيئة الطيران المدني والأرصاد الجوية، والهيئة الوطنية للموارد المائية.
وقال رئيس دائرة الأرصاد الجوية في اليمن أن هذه هي المرة الأولى التي يغادر فيها البلاد على مدى السنوات الخمس الماضية على الرغم من تلقيه للعديد من الدعوات.
هذا وسوف يكون لكل جهة دور فريد للقيام به في تنفيذ الاستثمار، الذي سيعتمد نجاحه على التعاون المستمر والالتزام المشترك لكافة المعنيين.
وشكل الاجتماع فرصة للعمل مع خبراء دوليين من البنك الدولي والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، بهدف التعرف بشكل أكبر على القدرات التي تحتاج إلى مزيد من التعزيز، وتحديد الأنشطة التي ستحقق أفضل النتائج.
وفي هذا السياق، أشار رئيس دائرة الأرصاد الجوية في اليمن إلى أهمية فعالية رصد المناخ، والقدرة على التنبؤ بالظواهر المناخية الشديدة.
وكان هناك اتفاق عام على أهمية توفر القدرات الحيوية التي تسمح لكل من الحكومة والمواطنين بالاستعداد لمواجهة العواقب السلبية، فضلا عن توفر موارد عامة حاسمة للصناعات مثل الزراعة.
وتعهدت المجموعة بالعمل معا لضمان استخدام أفضل نماذج الطقس والمناخ المتاحة، وتعزيز القدرة على التنبؤ بالتغيرات المناخية الحرجة وقياسها.
كما كانت هناك مناقشة حية حول أدوار كل مؤسسة في مجال تعزيز وتنفيذ الاستثمار.وكان مستوى التعاون بين مختلف الوكالات بمثابة تجربة جديدة، كما تم تقديم تعهد آخر بمواصلة وتعميق هذه التجربة.
وسوف يؤثر تغير المناخ على المجالات الاجتماعية والاقتصادية المتعددة، ويجب أن يتم التصدي له بجبهة متحدة.
وسوف توجه هيئة حماية البيئة عملية التنفيذ الشامل، تحت إشراف دائرة الأرصاد الجوية على الأدوات والموارد الفنية، وفي شراكة وثيقة مع جميع المؤسسات الحاضرة للاجتماع، وفي تعاون وثيق مع المجتمع المدني والمجتمع الدولي.
وقد شاركت في الآونة الأخيرة في البعثة التي سافرت إلى اليمن لتقييم قدرة دائرة الأرصاد الجوية اليمنية على أرض الواقع، وقد مثل ذلك أيضا فرصة أخرى للتواصل مع أصحاب المصلحة الآخرين.
وتم عقد اجتماعات مع منظمات المجتمع المدني، التي سيكون لها أيضاً دور بالغ الأهمية.وكان هناك إجماع على الإقرار بالحاجة إلى اتخاذ إجراءات، والحاجة إلى الحماس، لوضع خطة شاملة تشمل جميع أطياف المجتمع.
وقد تم التعبير عن مستويات مماثلة من الحماس خلال اجتماع متابعة للجنة الوزارية المشتركة المعنية بتغير المناخ.
وكان المشاركون أكثر تصميما من أي وقت مضى على المضي قدما في المراحل التالية من البرنامج التجريبي المعني بالمرونة إزاء المناخ.
وقد قبل وزير المياه والبيئة، عبد السلام رزاز، دعوة لحضور إطلاق البنك الدولي للتقرير المعني بتغير المناخ في العالم العربي خلال مؤتمر الأمم المتحدة حول تغير المناخ لعام 2012 الذي عُقد قبل شهرين في الدوحة في قطر.
وقد أضاف صوت اليمن في المناقشة العالمية الحرجة حول الطريق للمضي قدما في المستقبل، وأوضح ما هو ممكن من خلال الالتزام والتعاون المستمرين.
ويظهر اليمن، من خلال وضع البيئة على سلم أولوياته الوطنية وإدراجها ضمن التحديات المتعددة التي يواجهها، أن التنمية واتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ لا ينفصمان عن بعضها بعضا. فكل منهما يتطلب سياسات شاملة كما يتشاركان الهدف نفسه المتمثل في تعزيز رفاهة جميع المواطنين.
* ليا سيغهارت: مديرة برنامج وكبيرة خبراء تغير المناخ لدى مجموعة البنك الدولي.
** مصدر المقالة: مدونة البنك الدولي.