fbpx

اليمن: كيف أثرت الحرب على قطاع الأسماك

صيادين في الحديدة/ تصوير: هاني محمد أسوشيتد برس

حلم أخضر – تقرير خاص

أثر الصراع المستمر في اليمن على قطاع صيد الأسماك، وازدادت معاناة الصيادين اليمنيين، وخصوصاً فيما يتعلق بالوفرة والموارد البشرية والمادية.

وبحسب تقرير الوحدة الفنية للأمن الغذائي يونيو/حزيران 2020، انخفضت أنشطة صيد الأسماك بنسبة الثلث، وتأثرت بشدة فرص العمل فيه، جراء استمرار المضايقات على الصيادين اليمنيين.

لاقى المئات من الصيادين حتفهم، جراء الحرب في اليمن، ووفقاً لتقرير بثه المجلس النرويجي للاجئين NRC «شن التحالف بقيادة السعودية غارات جوية استهدفت قوارب الصيد والأسواق، وزرعت الألغام في عرض البحر مما جعل المياه الإقليمية اليمنية خطرة أمام الصيادين».

ويفيد تقرير NRC، انه «تم الإبلاغ عن مقتل أو إصابة ما لا يقل عن 334 صياداً منذ العام 2015. وكذلك الإبلاغ عن تدمير 2 مستودعات للصيد، وحوالي 35 قارب صيد تضررت أو دمرت بسبب الغارات الجوية والقصف والألغام البحرية في العام 2018».

في حين رصدت تقارير محلية بالسنوات الماضية، تعرض قوارب الصيادين للاحتجاز بشكل مستمر، إذ يتم منعها من مزاولة الصيد من قبل قوات عسكرية في السواحل اليمنية.

سوق بيع السمك الحديدة/ تصوير: جافين

قطاع الأسماك قبل الحرب

يقدر المخزون السمكي لليمن بحوالي 850 ألف طن بالسنة، لكن الإنتاج الفعلي يصل نحو 290 ألف طن متري. إلا أن الموارد البحرية بالمياه اليمنية لديها القدرة على إنتاج 400 ألف طن متري من الأسماك سنوياً. (EPA/2014)

تتكون صناعة صيد الأسماك من الصيد الحرفي (صيادون أفراد في قوارب صغيرة) ولا يزال الصيد التجاري غير متطور إلى حد كبير.

قبل أكثر من 10 أعوام، رفعت الحكومة اليمنية القيود المفروضة على صادرات الأسماك، وزادت بالتالي كميات الإنتاج، محققة عائدات بلغت قيمة 256 مليون دولار في العام 2005.

قبل اندلاع الحرب، شكلت الثروة السمكية، مصدراً هاماً للدخل وفرص العمل، وتحقيق الأمن الغذائي للتجمعات السكانية الساحلية، إذ يساهم القطاع السمكي بنسبة 3% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

ويمثل القطاع السمكي، ثاني أكبر الصادرات اليمنية بعد النفط والغاز. يشغل هذا القطاع -بشكل مباشر وغير مباشر- قرابة نصف مليون يمني بحسب وزارة الثروة السمكية.

ووفقاً لنتائج الحصر الميداني لمراكز الانزال السمكي للعام 2014، يبلغ عدد الصيادين اليمنيين العاملين بقطاع الصيد التقليدي حوالي 126,624 ألف صياد.
ينتشر هؤلاء الصيادين في 10 محافظات ساحلية في 3 قطاعات بحرية. ويشكلون حوالي 75% من القطاع السمكي. في حين تحتل أنشطة الصيد الصناعي 25%.

يشير تقرير الجهاز المركزي للإحصاء، أن كمية إنتاج الأسماك (اسماك السطح، أسماك الأعماق، والأحياء البحرية الأخرى) بلغت قرابة 217,896 طن في العام 2014.

تبلغ عدد الجمعيات السمكية التعاونية 146 جمعية تتوزع في 10 محافظات، أكبرها محافظة الحديدة، في حين تبلغ عدد قوارب الصيد التقليدي حوالي 32,120 قارب صيد.

كما توجد في اليمن 3 مصانع محلية للإنتاج السمكي هي: (مصنع المكلا الغويزي، مصنع تونا لتغليف الأسماك، ومصنع سبأ لتعليب الأسماك).

يصل انتاج المصانع الثلاثة حوالي 30,682 طن من الأسماك المعلبة وفق بيانات العام 2014. في حين تم منح 3 تراخيص لـ إنشاء 3 مصانع جديدة لتعليب الأسماك بحضرموت خلال السنوات الماضية.

بائع أسماك في العاصمة صنعاء/ تصوير: © حلم أخضر

الحديدة: الصيادين ضحايا الحرب

يعاني القطاع السمكي من تحديات كبيرة نتيجة تفاقم الصراع منذ 6 سنوات. ووفقاً لبيانات برنامج معلومات الأمن الغذائي والانذار المبكر، [اطلع حلم أخضر عليها] في ابريل/نيسان 2020، ازدادت معاناة مجتمعات الصيادين المحليين.

وانخفضت مؤشرات استهلاك الفرد في اليمن من الأسماك من 14 كجم في السنة، إلى 2.5 كجم/السنة بنسبة 85%.

إذ تسببت الحرب بخسارة الألاف من الصيادين لمصدر دخلهم الوحيد، وبرزت المعاناة بوضوح داخل المجتمعات الساحلية في محافظة الحديدة، والتي اشتدت فيها المعارك في 2018.

تعد الحديدة أكبر مجتمعات الصيد التقليدي في اليمن، ووفقاً لبيانات جهاز الإحصاء للعام 2014، يبلغ عدد الصيادين في الحديدة حوالي 67,310 صياد.

منهم قرابة 10 آلاف صياد يتواجدون في مدينة الحديدة (عاصمة المحافظة)، في حين تتوزع الفئة الكبرى منهم في 7 مديريات ريفية بالمحافظة، وتنشط فيها 44 جميعة تعاونية سمكية تملك قرابة 14,811 قارب صيد حتى نهاية 2014.

كانت كمية إنتاج الأسماك في الحديدة تبلغ قرابة 29,962 ألف طن، من خلال 7 مناطق للصيد البحري بالمحافظة، وبسبب الحرب تراجع الإنتاج السمكي في الحديدة لحوالي 12,492 طن في العام 2015.

مع الحرب، تعرضَ صيادي الحديدة لهجمات مستمرة اثناء ممارستهم مهنة الصيد داخل المياه اليمنية، وفي أغسطس/آب 2019، قال تقرير بثته “هيومن رايتس ووتش” أن «قوات بحرية تابعة للتحالف نفذت على الأقل 5 هجمات قاتلة على قوارب صيد يمنية منذ 2018. أسفرت عن مقتل 47 صياداً يمنياً على الأقل، منهم 7 أطفال، وتم احتجاز أكثر من 100 آخرين، بعضهم تعرض للتعذيب أثناء الاحتجاز في السعودية».

صياد في عدن / الرخصة: ترخيص المشاع

معاناة صيادي عدن وتعز

على ذات السياق، يعاني قرابة 3,683 صياد من صيادي محافظة عدن جنوب البلاد، من القيود المستمرة المفروضة على حركة الصيد من قبل قوات أمنية وسلطات محلية.

ووفق هيئة المصائد السمكية لخليج عدن، توجد في عدن 8 جمعيات تعاونية سمكية، تمارس نشاط الصيد اليدوي من خلال 1,290 قارب صيد للعام 2014.

وفي محافظة تعز جنوب غرب البلاد، تتركز خطوط النار بمناطق الصيد البحري، في حين أن السواحل أضحت مناطق تواجد قواعد عسكرية على امتداد الساحل الغربي، مما يشكل خطورة على حركة الصيادين وخصوصاً بمناطق الاصطياد: المخاء، باب المندب، وذو باب.

يعتمد قرابة 8,960 من الصيادين في تعز، على صيد الأسماك كمصدر للدخل والغذاء، وهم يعملون في إطار 19 جمعية سمكية تعاونية، من خلال 1,745 قارب صيد. وماتزال خطورة الطرق والسواحل تشكل تحدياً للصيادين عند صيد أو نقل الأسماك وبيعها.

وذكرت تقارير وقائع عن تعرض الصيادين في المخاء لمضايقات مستمرة، ومنعهم من الصيد داخل المياه اليمنية، في حين أفاد تقرير عن تعرضهم للاعتقال من قبل القوات العسكرية الموالية لدولة الامارات في المخاء، واحتجازهم قرب جزيرة حنيش اليمنية في باب المندب، من قبل قوات البحرية الارتيرية.

تراجع كمية انتاج الأسماك باليمن 2013-2015 – المصدر جهاز الإحصاء

تراجع الصيد يكبد الخسائر

ونتيجة للتهديدات والمضايقات التي يتعرض لها الصيادين في مياه اليمن الإقليمية منذ بدء الحرب، تراجعت كمية الإنتاج السمكي في البلاد وانخفضت من 217 ألف طن في 2014، الى حوالي 61 ألف طن في العام 2015. وفقاً لبيانات الهيئة العامة لمصائد البحر الأحمر.

واستناداً لإحصاءات هيئة المصائد السمكية، أفاد أحد التقارير، إلى أن تكلفة الخسائر التي تكبدها قطاع الثروة السمكية في اليمن، نتيجة الأضرار التي لحقت بالموانئ ومراكز الإنزال السمكي وقوارب الصيادين بلغت قرابة 6.9 مليار دولار أمريكي، منذ العام 2015.

وبحسب بيانات الوحدة الفنية للأمن الغذائي، فإن استمرار حدة التهديدات التي يتعرض لها الصيادين اليمنيين، تسببت بتدني أنشطة الصيد، وقلصت من نشاط الاصطياد، وشكل طول سلسلة قنوات التوزيع ووعورة الطرق تحدي اضافي، الى جانب عدم استخدام وسائل نقل مجمدة، مما يسبب تدني الجودة وانخفاض كمية الإنتاج السمكي المعروض.

ورغم معاودة نشاط تصدير الأسماك من أربعة منافذ في المحافظات الجنوبية، إلا أن المنافذ التي تقع في إطار المحافظات الشمالية لا تزال كلها مغلقة نتيجة القيود المفروضة من قبل سلطات التحالف.

وتعاني المحافظات الساحلية الغربية من المزيد من القيود والرقابة والاغلاق، وتؤكد تقارير الوحدة التنسيقية للسكرتارية الفنية للأمن الغذائي بمحافظة حجة على استمرار إغلاق منافذها البرية والبحرية تماماً.

إن حجم الخسائر التي تسببت بها الحرب على القطاع السمكي في اليمن، تتجسد بوضوح في الأرقام، فوفقاً لتقرير برنامج معلومات الأمن الغذائي والانذار المبكر يونيو/حزيران 2020، سجلت قيمة الصادرات من الأسماك والأحياء البحرية عبر منفذ “الوديعة” فقط خلال الفترة (يناير- سبتمبر) من العام 2019، حوالي مبلغ 40,827,937 دولار.

لكن ذلك المبلغ لا يكاد يقارن، مع ما كان قبل الحرب والأزمة الراهنة في فبراير 2015، فبحسب إحصاءات وزارة الثروة السمكية بلغت إجمالي قيمة الصادرات السمكية للفترة (يناير- سبتمبر 2014) حوالي مبلغ 205,421,653 دولار.

أسماك الديرك في اليمن/ الصورة من: هيئة المصائد عدن

المصادر:

– برنامج نظم معلومات الأمن الغذائي والانذار المبكر، الممول من الاتحاد الأوروبي، وتنفيذ منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو). تقرير بتاريخ 30 يونيو/حزيران، 2020./ صنعاء.

– الجهاز المركزي للإحصاء، بيانات الإحصاء السنوي للأعوام: 2014/ 2015 / 2017.

– المجلس النرويجي للاجئين، مشروع مساعدة الصيادين.

تعليقات
Loading...

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط
error: Content is protected !!