تقرير: عادل الدغبشي، صنعاء *
تكبد قطاع إنتاج العسل في اليمن خسائر فادحة، قُدرت بأكثر من 200 مليون دولار أمريكي بسبب الحرب والصراع الداخلي المستمر منذ أكثر من 15 شهرًا، كما انخفض إنتاج العسل إلى ما دون النصف، وفق ما جاء في أحدث تقارير الرابطة التعاونية للنحالين اليمنيين، الصادر خلال شهر يونيو الجاري.
كذلك مُنِي القطاع بخسارة قُدِّرت بما يزيد على نصف المليون دولار، تسببت فيها السيول الجارفة التي وقعت في محافظات حجة والحديدة وإب وحضرموت خلال الأشهر القليلة الماضية. ووفق تقرير الرابطة التعاونية للنحالين اليمنيين.
تضم البلاد نحو مليون وثلاثمئة ألف “طائفة” نحل، يعمل عليها أكثر من 90 ألف نحال، ينتجون -وفق الإحصاءات الرسمية- قرابة 2700 ألفين وسبعمئة طن من العسل سنويًّا، في حين تؤكد إحصاءات المهتمين أن الإنتاج يتجاوز الخمسة آلاف طن، يصدَّر منها للخارج نحو 950 تسعمئة وخمسين طنًّا سنويًّا.
يقول عبد الله ناشر، رئيس الرابطة التعاونية للنحالين اليمنيين، لشبكة SciDev.Net: ”العسل اليمني هو الأول عالميًّا وفق معايير الجودة، وهناك مساعٍ لتصنيفه عسلًا ذا صفة دوائية“، مشيرًا إلى أن سعر الكيلوجرام الواحد من (عسل السدر) يصل لنحو 150 مئة وخمسين دولارًا أمريكيًّا.
يوضح ناشر ما تعرض له قطاع النحالة وإنتاج العسل في اليمن من أضرار مباشرة وغير مباشرة، بسبب الحرب والصراع المستمر، ويقول: ”النحالون في بعض المحافظات حوصروا بين طرفي الصراع، كما حدث في منطقة الوازعية بمحافظة تعز، فقد تعرضوا لإصابات مباشرة دُمِّرت خلالها مناحلهم بشكل كلي، في حين هلكت نحل مئات المناحل التي تركها أصحابها دون رعاية بعد أن فروا إلى مناطق آمنة“.
في محافظة تعز أيضًا وقعت مواجهات عنيفة، قتلت الآلاف من طوائف النحل بسبب الغازات السامة والمواد الكيماوية التي خلفتها القذائف والمواد المتفجرة، وفقًا للخبير المحلي في مجال النحالة، رفيق الحكيمي.
وتختلف مهنة النحالة في اليمن عما هي عليه في بقية دول العالم، فهي تعتمد على التنقل طيلة العام (7- 8 مرات)، ولا تستخدم أي كيماويات لمكافحة الآفات والأمراض التي تصيب النحل، ما يجعل العسل المنتج طبيعيًّا.
فضلا عن أن سلالة النحل الموجودة باليمن استوطنته منذ آلاف السنين، ولا توجد في مكان آخر، إلا في سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية.
يفتخر اليمنيون بعسل النحل الذي يُنتجون، ويعدون أنواعًا مثل السدر والسمر والصال والسلام هي الأجود مطلقًا.
ولا يعتمد إنتاج العسل في اليمن على مزارع ثابتة؛ حيث يضطر النحال لأخذ طوائفه إلى منطقة الغطاء النباتي في أي منطقة لإنتاج نوع معين من العسل، وبعد انتهاء الموسم يأخذها إلى منطقة أخرى، تكون موسمًا لإنتاج نوع آخر من العسل، وفق النوع النباتي الموجود فيها.
يوضح رفيق الحكيمي أن حساسية النحل الشديدة تفرض على ملاكها التنقل بها ليلًا، غير أن الظروف الأمنية المتردية حالت دون ذلك، وبسبب سوء الحالة المادية عجز النحالون عن التنقل في فترات معينة من السنة، وخسروا موسم الجَني الذي انتظروه طيلة العام. واستطرد الحكيمي: ”وأعتقد أن هذا الأثر سيمتد لفترة طويلة“.
وفي محافظة حجة -شمال غرب اليمن- تعرض النحالون ومسوقو العسل للاستهداف المباشر، وفق ما ذكره ناشر، في حين تحولت مناطق رئيسية لإنتاج العسل في تعز ومأرب والجوف وعلى الحدود الشمالية إلى مناطق عسكرية لا يمكن الاقتراب منها.
علي بركات -أحد النحالين في محافظة الحُديدة الساحلية غرب اليمن- أكد للشبكة أن إنتاج العسل تدهور بشكل كبير بعد تعرض آلاف المناحل في مناطق حرض وميدي ووادي حيران ومستباء في محافظة حجة لأضرار مباشرة، في حين تدهور الإنتاج في محافظات أخرى؛ بسبب تداعيات الحرب من ارتفاع أسعار التنقل وتسويق العسل وارتفاع أسعار الوقود والسكر.
يضاف إلى هذا تكدس العسل في الأسواق بسبب عزوف الناس عن الشراء نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وكذلك توقُّف عملية التصدير لانعدام الأمن وصعوبة إجراءات المنافذ الحدودية البرية.
وفي ظل استمرار الصراع وتردي الأوضاع الأمنية، عمدت الرابطة إلى وضع خطط طوارئ سريعة، هدفها إرشاد النحالين إلى كيفية التنقل الآمن في مناطق الصراع؛ للحفاظ على النحل كأقل تقدير.
يقول ناشر: ”كان لدينا تفكير للتنسيق مع الأطراف المتصارعة لتحييد هذا القطاع حفاظًا عليه، غير أننا لم نتمكن من ذلك، فالحرب لا تترك خيرًا لأحد“.
* هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لشبكة SciDev.Net. ويعيد نشره حلم أخضر باعتباره شريك إعلامي موثوق به لإعادة نشر المحتوى من قبل SciDev تحت رخصة المشاع الابداعي.