حلم أخضر – خاص (عدن)
في يوم الأحد 18 يوليو/تموز الجاري، أفادت وسائل إعلام محلية، بغرق ناقلة صغيرة متهالكة تدعى «DIA» بسواحل محافظة عدن جنوب اليمن.
وأفاد عدد من الصيادين المحليين، ان سواحل عدن شهدت تسرب كميات من الوقود قبل أسبوع من غرق الناقلة «DIA».
وتناقل ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً، عقب غرق الناقلة المحملة بمادة الديزل “المازوت” في الجهة الغربية لعدن، تظهر تسرب حمولتها وتلوث أجزاء واسعة من السواحل.
وأظهرت مقاطع فيديو بثها ناشطين محليين، وصول التلوث ببقع الزيت لسواحل البريقة قرب محمية الحسوة، وساحل “كود البريقة”، وساحل “المهرام”.
الباخرة ضيا Dia التابعة لهامور الفساد #احمد_العيسي ومحاولة انقاذها قبل الغرق قبالة ساحل الحسوة في البريقة بالعاصمة #عدن ..
الناس تخرج للبحر هاربه من لهيب الحر بسبب انقطاع الكهرباء
يعني حارمنا من الكهرباء
كمان بيحرمنا من الهواء الطبيعي النقياللهم ارنا في هذا الفاسد عجائب قدرتك https://t.co/yv34wm63zS pic.twitter.com/mIYmcwM5iQ
— Khalid shuba alshuba (@khalid_shuba) July 18, 2021
وتسبب غرق الناقلة بتلوث بحري بسواحل عدن، جراء تشتت بقع الزيت وانتشارها على بضع كيلومترات شرقاً، بحسب الصور المتداولة.
ناقلات متهالكة لمسؤول حكومي
وفقاً لوثيقة رسمية وجهها وزير النقل في حكومة «هادي» إلى مؤسسة موانئ خليج عدن، فإن الناقلة المتهالكة «DIA»، غرقت مساء السبت 17 يوليو/تموز، في منطقة رمي الخطاف في ميناء عدن، وتسربت الحمولة منها لمياه البحر قبالة السواحل.
وبحسب الوثيقة، تتبع الناقلة شركة «عبر البحار» المملوكة للمسؤول الحكومي أحمد العيسي، نائب مدير مكتب رئاسة الجمهورية في «حكومة هادي».
وقالت الوثيقة المُوقعة بإمضاء وزير النقل عبد السلام حُميد، «هناك عدد من السفن الراسية بميناء عدن منذ سنوات، وهي تابعة لشركة عبر البحار، ويجب اتخاذ الإجراءات اللازمة والعاجلة بسبب عدم أهليتها الفنية، وانتهاء تصاريحها».
وطالب المسؤول الحكومي في خطابه الرسمي، «استدعاء الوكيل الملاحي لشركة عبر البحار، ليتحمل مسؤولياته في معالجة المشكلة، وتحمل الاضرار الناتجة عن ذلك».
وتعد هذه هي المرة الثالثة خلال العقد الاخير، التي تتسبب فيها ناقلات الوقود المتهالكة التابعة لشركة العيسى، بوقوع حوادث التلوث البحري في اليمن.
ففي العام 2013، رصد موقع «حلم أخضر»، عدداً من حوادث التلوث البحري التي تسببت بها ناقلات وقود، اتضح أن 2 منها تابعة لشركة العيسي.
شركة العيسي تحاول التنصل
في بيان هزيل، وغير مقنع، قامت شركة «عبر البحار للملاحة والشحن والتفريغ» بالتنصل عن مسؤوليتها في التسبب بالتلوث البحري الناتج عن غرق الناقلة المتهالكة «DIA»، في ميناء عدن.
ونفت شركة «عبر البحار» في بلاغ صحفي اصدرته في 20 يوليو/تموز الجاري، علاقتها بالتلوث، وقال بيان الشركة: «تنفي شركة عبر البحار بصفتها الوكيل الملاحي للسفينة (ضيا) وجود تسرب نفطي جراء تعرض السفينة، لميلان أو جنوح في ميناء عدن».
وأضافت الشركة: «مؤكدة بأن السفينة واقفة في ميناء عدن منذ العام 2014، وأن ما أثير حول تسببها في حدوث تلوث بيئي عارِ من الصحة».
وزعمت شركة «عبر البحار» في بيانها: «أن الصور التي تم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتلوث البيئي بعيدة عن منطقة تواجد السفينة».
وفي محاولة للتهرب من مسؤوليتها عن الأضرار المترتبة على التلوث في سواحل عدن. ادعت شركة العيسي في بيانها: «ان الجهات المختصة أثبتت عدم وجود أي تسريب للزيوت من السفينة ضياء». في حين عادت الشركة نفسها الإقرار بوجود ذلك التلوث.
ماذا فعلت السلطات البيئية؟
تشير وثيقة رسمية صادرة من فرع الهيئة العامة لحماية البيئة في عدن، إلى رئيس هيئة البيئة المهندس عمار العولقي، أن فريقاً من فرع الهيئة نفذ عملية مسح ميداني على الساحل في 18 يوليو/تموز. حول الاضرار التي خلفتها كارثة التسرب لبقع الزيت من ناقلة ««DIA.
وقالت هيئة البيئة في وثيقتها، «ان التلوث ناجم عن غرق احدى السفن المتهالكة الموجودة حول غاطس ميناء عدن واسمها ناقلة ««DIA، وهي ناقلة راسية منذ سنوات».
وبحسب الوثيقة، أوصت هيئة البيئة بضرورة اعلان حالة الطوارئ، ومطالبة هيئة الشئون البحرية، أو مالك الناقلة المتسببة بالتلوث، بعمل حاجز مطاطي طافي حول موقع التسرب من الناقلة.
وقالت الوثيقة المذيلة بإمضاء المهندس فيصل الثعالبي، مدير فرع البيئة في عدن، بأنه يجب إلزام الناقلات الراسية في ميناء عدن بعمل حواجز مطاطية طافية حول ناقلاتهم، لمنع ووقف الانسكاب.
الى ذلك، رصدت صور بثتها هيئة حماية البيئة في عدن، توثق وجود أسماك وكائنات بحرية نافقة وملوثة بالزيت تطفو على الساحل، في عدة مناطق في عدن.
ردود فعل المختصين
في 19 يوليو/تموز الجاري، وفي تغريدة له على موقع “تويتر”، قال الصحفي المهتم بالقضايا البيئية، ويم زويجنينبورج Wim Zwijnenburg، أن «جمع المعلومات والصور حول تسرب الزيت، يبين إن الناقلة ««DIA بدأت في التسريب في 11 يوليو/تموز، وأن التسرب الأكبر حدث في 18 يوليو/تموز الجاري».
وغرد الصحفي Wim اليوم في صفحته على تويتر، وقال: «في بحثنا عن التسرب النفطي في عدن جنوب اليمن، نلاحظ وقوع حوادث متكررة مع سفن أخرى، ووقوع تسريب وقود بحري في الأشهر الماضية على سبيل المثال هنا في 11 يونيو، تم التقاطه من منظمة planet عبر الأقمار الصناعية. سيكون لدينا نظرة عامة كاملة قريبا».
In our research on the oil spill at Aden, southern #Yemen, we are noticing frequent incidents with other ships leaking marine fuel in the past months. For instance here on June 11, captured on @planet satellites. Will have a full overview soon. pic.twitter.com/bFljS3t6vi
— Wim Zwijnenburg (@wammezz) July 23, 2021
وقال المرصد البريطاني للبيئة والصراع CEOBS، في تغريدة على حسابه الرسمي في تويتر: «بعيدًا عن طبيعة التسرب الذي حدث في نهاية هذا الأسبوع بالقرب من عدن -من ناقلة صغيرة قديمة، أدهشنا رد السلطات، التي أعطت الأولوية لتطهير ممر الشحن، والاتصال بشركة أحمد العيسي ذات النفوذ».
أضرار وخيمة جراء التلوث
يمثل ميناء عدن، كبنية تحتية بالغة الأهمية، لا يمكن الاستغناء عنها، وهو ضروري للأنشطة التجارية والإنسانية في اليمن، لا سيما فيما يتعلق بسلسلة التوريد الغذائية الشاملة.
وقد تعمل بقع الزيت المتسربة من ناقلة «DIA»، على إعاقة حركة السفن بميناء عدن، وإعاقة رسوها ومناولة البضائع.
لعل هذه الكارثة تنذر بإغلاق ميناء عدن أمام حركة الملاحة، نظراً لاشتداد الرياح في منطقة الميناء حالياً، وشدة التيارات البحرية والأمواج العاتية، فمع الظروف البيئة الراهنة تبدو كل المحاولات المحلية محدودة وضعيفة للغاية.
وفي تصريح صحفي بثته وكالة الانباء (سبأ)، قال الرئيس التنفيذي لإدارة مؤسسة موانئ عدن، الدكتور محمد أمزربه، « إن إدارة الميناء قامت منذ الوهلة الأولى بعد حادثة غرق الباخرة “ديا”، التابعة لشركة “عبر البحار”، بمحاولات عديدة لتعويمها وإزاحتها من موقعها، وقد واجهت تلك العمليات صعوبة بالغة، نظرًا لاشتداد موسم الرياح، وسوء الأحوال الجوية التي تشهدها العاصمة المؤقتة عدن».
تأثر قطاع الصيد
إلى ذلك، قد تتأثر صحة السكان في المنطقة الساحلية، ومعها الاحياء البحرية، التي تصبح عرضة للتهديد جراء حوادث التلوث البحري بالزيت الخام، الناتج عن التسرب من الناقلة المتهالكة.
فقد أدت هذه الكارثة بالفعل، لنفوق بعض الأسماك بالزيت الملوث في سواحل عدن ومنها ساحل “بربرية”، حيث أفاد عدد من الصيادين بأنهم تفاجئوا باصطياد أسماك ملوثة، وتأثرت شباكهم وتلفت جراء التلوث ببقع الزيت.
ونتيجة لذلك، قد تنشأ في الأسابيع القادمة أزمة صيد أمام الصيادين في مناطق عدن المتأثرة بالتلوث، حيث يعتمد أكثر من 3,683 صياد بمحافظة عدن، على مهنة الصيد كمصدر أساسي للدخل.
وبحسب تقارير، توجد في عدن حوالي 8 جمعيات تعاونية سمكية، وهي تزاول نشاط الصيد اليدوي الحرفي من خلال 1,290 قارب صيد منذ العام 2014. وفقاً لهيئة المصائد السمكية في خليج عدن.
الأراضي الرطبة في خطر
يؤدي امتداد التلوث البحري وتشتت بقع الزيت باتجاه الساحل، الى التأثير على محميات الأراضي الرطبة في عدن، والتي تتكون من 5 محميات توجد في عدن: محمية الحسوة، محمية المملاح، محمية بحيرات عدن/بحيرة البجع، محمية الخليج الفارسي (الوادي الكبير)، ومحمية خور بير أحمد.
تعد هذه المحميات ضمن 16 أرض رطبة على مستوى الإقليم. وقد تم تسجيل 170 نوعاً من الطيور المهاجرة المائية والبرية في عدن.
وتشكل محميات الأراضي الرطبة بعدن، مصدر غذاء مباشر للكائنات البحرية التي تعيش عليها، مثل: القشريات، قنافذ البحر، الأسماك العاشبة، الحلزونيات، وبعض الأسماك والرخويات.
أول المحميات التي قد تتضرر بشكل مباشر، هي المحمية البرية في الحسوة، وهي أحد المواقع الهامة عالمياً للطيور. فبحسب المعلومات فإن مسار تشتت بقع الزيت يطال سواحل هذه المحمية.
تأثر منطقة استخراج الملح
تعد منطقة محمية المملاح في ساحل عدن، اراضي منتجة للملح، إذ يجري انتاج مادة الملح البحري عبر (المملاح). حيث يتم استخراج الملح بطريقة تقليدية بضخ مياه البحر إلى أحواض، وتركها لأشعة الشمس ليترسب الملح بفعل التبخر.
ستكون هذه المنطقة التي يعتمد عليها بعض العمال، عرضة للتلوث المباشر جراء تسرب كميات الديزل الملوثة وبقع الزيت المتسربة من ناقلة «DIA». وقد تتعرض لأضرار يصعب إصلاحها.