ملخص دراسة: أولمو فورني وآخرون*
يقدر إنتاج النفايات يومياً في اليمن بحوالي 0,55 – 0,65 كيلوغرام للفرد في المناطق الحضرية، وقرابة 0,3 – 0,4 كيلوغرام للفرد بالمناطق الريفية.
ومن المتوقع بلوغ زيادة سنوية تُقدر بـ 3% على المستوى الوطني، والتي تعد ناجمة عن النمو السكاني، وزيادة تدفقات الهجرة الداخلية من الريف للمدن.
وعلى المعدل العام، بلغت معدلات جمع النفايات في اليمن 65% في المدن الكبرى، وحوالي 5% في المناطق الريفية. وفقاً لتقرير (سويب نت 2010–2014).
نظرة على الأسباب
لقد أثرت الأزمة السياسية، والنزاع المسلح، على دورة إدارة النفايات، بعدة طرق ناجمة عن تراجع الجهات المانحة، وإغلاق الطرق التجارية البحرية والبرية، وصعوبة الوصول للأحياء السكنية، وتلف المركبات، والتخفيض العام للموارد المتاحة.
أولاً، وقبل كل شيء، أدى الجمود المؤسسي في اليمن، بعد اندلاع النزاع المسلح في العام 2011، إلى انسحاب العديد من الجهات المانحة الدولية.
وفي نهاية المطاف، وصلت خطط الاستثمار المحددة في الاستراتيجية الوطنية لإدارة النفايات الصلبة 2009 – 2013 إلى طريق مسدود.
وثانيا، كان للحصار البحري وإغلاق الحدود، مع تخفيض لاحق من حجم التجارة الخارجية، والقيود، تأثير كبير من حيث توافر الغذاء والوقود، مع ارتفاع أسعار السوق على السلع الأساسية، في حال كانت متوفرة (OCHA: WFP/2015).
أدى ذلك، مع أمور أخرى، إلى انخفاض معدلات توليد النفايات، ونقص الوقود، وانخفاض الكهرباء، وتوفير المياه وانخفاض جمع النفايات، واستخدام بدائل لمواقع التخلص منها.
وقد أثرت الضربات الجوية والمواجهات المسلحة في المناطق الحضرية على إدارة النفايات، مما أدى إلى بروز مشكلة في مركبات تالفة ومسروقة.
إلى جانب منع الوصول للمناطق التي يجري فيها القتال الفعلي. كما أدى النزاع المسلح إلى نزوح جماعي للسكان، وبلغ حوالي 1.3 مليون نازح فروا من مناطق القتال.
بالإضافة لذلك، تتواجد الذخائر غير المنفجرة والمتفجرات من مخلفات الحرب في جميع أنحاء البلاد، وأوردت عدة تقارير وجود متفجرات من مخلفات الحرب في تراكمات النفايات في محافظة عدن.
شركات إعادة التدوير
هناك أكثر من 50 مصنع مسجل لإعادة التدوير في جميع أنحاء اليمن، يتلقون المواد القابلة للتدوير من خلال شبكة غير رسمية من سماسرة النفايات، ومتاجر شراء الخردة.
وفي نهاية المطاف هناك عدد كبير من ملتقطي النفايات الذين يجدون المواد القيًمة في الشوارع، وفي مكبات النفايات.
وفقاً للمعلومات، يتم تصدير المواد المستخلصة في الغالب، وهناك تفاوت كبير في مستوى احتراف هؤلاء المصدرين الذين يتراوحون من شركات الاستيراد والتصدير التي تتداول المواد المعاد تدويرها كعمل تجاري ثانوي.
إلى جانب شركات إعادة التدوير الراسخة، والتي تقدم مجموعة متنوعة من الجودة والمواد المعالجة، بما يتماشى مع معايير تجارة السلع الدولية.
قصة فيديو: حرق النفايات البلاستيكية في تعز
البنية التحتية للنفايات
قبل الأزمة الإنسانية والحرب الراهنة في اليمن، شكلت مواقع التخلص من النفايات في البلاد إشكالية حقيقية.
فمن أصل 21 موقعاً للنفايات تم تحديدها رسمياً، كان يتم تشغيل 15 موقعاً فقط كمكبات مفتوحة، مع تصنيف الـ 6 المتبقية كمكبات مراقبة.
ومع ذلك، حددت الاستراتيجية الوطنية لإدارة النفايات الصلبة 21 مكباً مراقب، وشبه مراقب.
وحددت حوالي 27 مكباً مفتوحاً. يكمن الفرق بينهما أن التسمية الرسمية هي موقع التخلص من النفايات. (سويب نت، 2014).
الأضرار الصحية للنفايات
تعتبر تغطية النفايات بشكل منتظم، عنصر أساسي لمنع انتشار النواقل والأوبئة، وبالتالي منع انتشار الأمراض المنقولة بالنواقل: مثل: حمى الضنك الوخيمة، مرض الملاريا، داء الكَلَب، داء الليشمانيات الجلدي (المعروف بالكالازار وهو أشد أشكال المرض خطورة).
وتساهم الحماية المفقودة أو المتضررة أيضا في وجود الزبالين (أساساً الكلاب الضالة) والثروة الحيوانية (الأغنام والماعز).
ومعهم يتواجد الأشخاص غير المرخص لهم في المواقع من جامعي النفايات، وبخلاف تعزيز انتشار الأمراض المنقولة بالنواقل، يسهل ذلك السرقات وأعمال التخريب.
يؤدي حرق النفايات إلى الإصابة بالتهابات حادة في الجهاز التنفسي، وتهيج العينين، وتطور مرض مزمن في الجهاز التنفسي، والتهابات الجلد والاصابة بالتهاب معوي.
وعلى المدى الطويل، يمكن للمواد السامة المنبعثة في الهواء بسبب احتراق البلاستيك والمواد المركبة، أن تتسبب بالسرطان وتعطل نظام الغدد الصماء.
وماهو أبعد من ذلك، يمكن للمعادن الثقيلة الموجودة في الرماد، أن تلوث المياه الجوفية ومصادرها.
وماذا عن الحرائق؟
تشكل عملية حرق النفايات والحرائق العميقة في الجذور (تحت الأرض) إشكالية بالنسبة لمجموعة أخرى من الأسباب.
وقد يكون من الصعب اطفاء الحرائق العميقة، وفي حال لم يتم اطفائها، فمن الممكن أن تظل مشتعلة لفترة طويلة جدا من الزمن.
ثانيا: تسبب النار هبوط للتربة (تربة الارض)، وتسهل انهيار المكب أو مقلب النفايات، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى زيادة خطر الانهيارات الأرضية في مناطق مكب النفايات.
ولعل غياب نظم جمع عُصارة القمامة في مكب النفايات بمنطقة “الأزرقين” بالعاصمة صنعاء، مهما كانت بسيطة، تملك آثار كبيرة على كل من صحة البشر والبيئة.
يمكن للعصارة أن تلوث التربة. وفي نهاية المطاف تصل العصارة إلى المياه الجوفية.
ويتم إنتاج العصارة من ترشيح الرطوبة الموجودة ضمن النفايات، وتسرب الأمطار ومياه الجريان السطحي من خلال طبقات النفايات.
أضرار ومخاطر بيئية
يعد بقاء الآلات الثقيلة غير العاملة مسألة خطرة، فهي تخلق سلسلة من المشاكل، من دون جرافات وحفارات من غير الممكن ضغط النفايات ولا تغطيتها على أساس منتظم.
وهذا بدوره له عدة آثار سلبية من حيث تسرب المياه خلال مواسم الامطار، وانجراف الفيضانات، وفي المعدلات الإجمالية في إنتاج العصارة وتلوث المياه الجوفية.
وبالمثل، فإن النفايات غير المضغوطة من دون غطاء التربة، تزيد من خطورة انبعاث غاز الميثان (LFG).
وبشكل خاص تمنع أكسدة الميثان، وهو غاز الدفيئة قوي. من المهم ضغط النفايات لأنها خطوة حاسمة للوقاية من انهيار الارض والانهيارات الأرضية.
في مكب النفايات في مدينة المكلا، بمحافظة حضرموت شرق البلاد، تعرض الصورة التالية بوضوح المخاطر المحتملة لمثل هذا الحدث الذي وقع في منطقة غليلة في منطقة الديس بمدينة المكلا.
هذا أمر مثير للقلق لأن مكب النفايات معرّض للفيضانات، مما يجعل خطر الانهيار الأرضي مرجح بشكل متزايد. ومن دون حلول أيضاً من قبل السلطات.
كما أن إشعال النيران في الهواء الطلق وتحت الأرض، يشكل تهديدا مباشراً لجميع العاملين في مثل الموقع، فضلا عن توفير الحالات الصحية الحادة والمزمنة والأضرار البيئية.
وعلاوة على ذلك، تهدد النار بخرق استقرار النفايات في المكب، وتزيد من خطر الانهيارات الارضية والانهيارات الطينية.
ونتيجة لذلك، ينصح بشدة اتخاذ إجراءات فورية لإطفاء الحرائق في مقالب ومكبات النفايات: مكب منطقة “قدام” في محافظة حجة شمال غرب صنعاء، ومقلب “بير الناعمة” في محافظة عدن، ومقلب نفايات منطقة “الغليلة” في المكلا.
صناعة إعادة التدوير:
شكلت إعادة التدوير غير الرسمي، العمود الفقري لاستعادة الموارد في اليمن، وتوفير سبل العيش للمئات من الأفراد.
ولعل هذه الصناعة لا تزال نشطة حالياً، ولكن على نطاق أضيق مما كان بالسابق، سواء في الشوارع، أو في محطات التحويل، أو في المكبات.
فقد أثر الصراع على صناعة إعادة التدوير على نطاق واسع، ولكن لا لبس فيه وهو ليس أحادي الاتجاه.
ويبدو أن استرداد المواد القيمة من الشوارع تشهد انخفاضا، لكن بعض تجار الخردة وغيرهم من الوسطاء لا يزالون نشطين في مدينتي المكلا وصنعاء.
ويبدو أن هذا يتعارض مع انخفاض أو توقف أنشطة الجمع في المدينتين: المكلا وصنعاء، ولكن ليس بالضرورة.
وبما أن أنشطة الاستيراد محدودة جداً، لكن النظام الإنتاجي الوطني في حالة جمود، قد تكون المواد المعاد تدويرها التصدير الوحيد المتاح.
وعلاوة على ذلك، بما أن المواد الخام البكر أصبحت شحيحة، فمن الممكن أن تكون النفايات المعاد تدويرها، قد أصبحت البديل الوحيد المتاح، وخاصة بالنسبة لمصنعي منتجات البلاستيك.
أخيراً، فإن تداعيات الصراع من حيث المياه، وتوافر الكهرباء، وتغطية شبكة الهاتف النقال، وانقطاع الخدمات المصرفية، خفضت عائدات السلطات المحلية وصندوق النظافة وتطوير المدينة من الضرائب المحصلة.
مما أدى إلى بروز تحديات خطيرة لتوفير جميع الخدمات العامة، بما في ذلك إدارة النفايات، وانخفاض معدلات توليدها.
كان لكل هذه العوامل تأثير عميق على قطاع إدارة النفايات في اليمن، إذ أثرت على توليد النفايات عموماً؛ وعملت على الحد من قدرة صندوق النظافة والتحسين على توفير خدمات إدارة النفايات بشكل جيد، من حيث عمليات الجمع إلى التخلص منها؛ وكان لها انعكاسات سلبية على كل من قطاع إعادة التدوير الرسمي وغير الرسمي في البلاد.
المصدر:
– أولمو فورني، إيدن شورت، بن غراندي، مارتين بجيريغارد، رامي صليب، دراسة: “اليمن..تقييم طارئ لحالة النفايات”، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP اليمن. أغسطس/ آب 2015.