حلم اخضر – تقرير خاص: محمد الصلوي
خلال السنوات الأخيرة، دأب الفلاحون في قرى الصلو، على زراعة الفول السوداني، إذ يسمونه “اللوز”، في حين يطلق عليه بمناطق أخرى اسم “حَبّ العزيز”.
في الجنوب الشرقي من مدينة تعز جنوب غرب اليمن، تقع مديرية الصلو، والتي تشتهر بزراعة أصناف عدة من المحاصيل الغذائية. يعتمد السكان فيها على مياه الأمطار الموسمية في فصل الصيف.
تتميز مديرية الصلو كبقية مديريات الحُجرية، بخصوبة تربتها الزراعية، حيث تزرع بمدرجاتها الزراعية كافة أنواع الحبوب، بالإضافة لبعض الفاكهة والخضروات.
ولعقود طويلة، اشتهرت منطقة الصلو، بمنتجات زراعية ارتبطت باسمها بسبب جودتها، منها: البصل، البَطَاطا، والجزر الأحمر.
8 مناطق لزراعة الفول السوداني
بالرغم من عدم وجود إحصاءات متوافرة عن كمية انتاج محافظة تعز للفول السوداني، إلا أن هذا المحصول انتشرت زراعته في قرى الصلو ذات الجبال الشاهقة، نظراً لمذاقه وجودته العالية، إذ يباع داخل وخارج المديرية.
وفقاً للمهندس الزراعي طلعت هائل، تنتج الأراضي الزراعية في الصلو، الفول السوداني في عدة مناطق، ويقول لـ «حلم أخضر»: “تعتبر عزلة الشرف، والضعة، والقابلة، وعزلة العكيشة والأشعوب، من المناطق الأكثر إنتاجاً للفول السوداني في الصلو”.
يقول المهندس طلعت لـ «حلم أخضر»: “بالإضافة لتلك المناطق يزرع الفول السوادني في عزلة الحود، والعقيبة، والصيار، وصولاً الى منطقه الصيرتين، وباتجاه الغرب هيجة الذنيب وقحفة المشارعة والبطنة ووادي الجنات الذي يعد الأكثر زراعة للفول السوداني”.
تبلغ مساحة مديرية الصلو حوالي 89.3 كم2، وبشكل عام ليس هناك بيانات دقيقة عن مساحة الأراضي المنتجة للفول السوداني في محافظة تعز. لكن المهندس طلعت يقول: “ان نسبة المساحة المزروعة بالفول السوداني تبلغ 15% من اجمالي المساحة الزراعية في الصلو”، بحسب تقديراته.
مراحل زراعة الفول السوادني
تمر زراعة الفول السوداني بعدد من الخطوات والمراحل، بحسب ما يقوله المهندس الزراعي وديع عبده سعيد، الذي يعمل في وزارة الزراعة والري.
وقال المهندس وديع لـ «حلم أخضر»: “تبدأ الخطوات الاولي في اختيار البذور، ويتم اختيار البذور من ثمار ممتلئة كبيرة تحوي أكثر من بذرة سليمة غير مشوهة وغير مريضة. ثم يتم تقشير الثمار قبل أيام قليلة من الزراعة حتى لا تكون جافة عند زراعتها فيما لو تم تقشريها قبل وقت طويل لهذا يجب الابقاء على القشرة المحيطة بالبذور”.
ويضيف المهندس وديع: “يجب أن تكون البذور جديدة، بحيث لم يمض عليها أكثر من موسم، وتكون غير مكسرة أو مشوهة لأنها -في حال ذلك- لن تنبت”.
تبدأ زراعة بذور الفول السوداني في مناطق الصلو، في الفترة الممتدّة من شهر أيّار/مايو حتى حزيران/يونيو، إلا أنّ زراعة البذور في أوائل أيار/مايو تعطي منتجاً أفضل من حيث حجم الحبات وكميتها، لكن الامطار تشكل عامل رئيسي في المواعيد في مناطق الزراعة المطرية.
ويقول المهندس وديع: “يتم زراعة البذور بعد إثارة التربة وتتم بالطرق التقليدية في الزراعة اليمنية بـ “المفارس” او “الأثوار” ومن ثم تسميدها بالسماد الطبيعي بعدها تقسم الارض إلى مربعات صغيرة مقلمة توضع البذور في جوانب ما يسمى “التليم” او ” التلم” وبعدها تساوى التربة” بالمفرس” وتترك حتى تنمو البذور ويعتني بها حتى تصل الى أشجار”.
وبحسب الفلاح عبد الله الصلوي: “بعد عملية نمو البذور الى النبات الكامل، يجري تنقية القطعة من الحشائش الضارة (نقوة) وتفتح التربة جوار الأشجار، ويتم خفر أحواض صغيرة جوارها من أجل وصول الماء، حتى تنمو بشكل جيد ثم تترك حتى يأتي موعد القلع”.
حصاد الفول السوداني
ويؤكد المهندس وديع، لـ «حلم أخضر» ان “معظم قرون الفول السوداني تتكون في شهر أيلول/سبتمبر، ولكن حبّاتها تحتاج من شهر حتى 6 أسابيع حتى تنمو وتنضج، وفي حال حدث صقيع وأدّى إلى تلف أوراقها في وقت مبكر، ستوفّر السيقان الغذاء اللازم للحبّات حتى تنمو”. لافتاً إلى أنه يجب إبقاؤها في التربة حتى نهاية شهر تشرين الثاني/نوفمبر.
ووفقاً للمزارعين المحليين، يتمّ حصاد الفول السوداني في أرياف الصلو بالطرق التقليدية المعتادة في المنطقة، من خلال إخراجها من التربة باستخدام شوكة، وجمع القرون التي علقت في التربة ولم يتم إخراجها مع النبتة، ثم نزع القرون عن النبات فوراً، ووضعها في صوانٍ مسطّحة حتى تجف، ويوضع في أسطح المنازل، أو أيّ مكانٍ جاف، وخالٍ من الرطوبة.
ويختلف وقت حصاد الفول السوداني باختلاف تاريخ الزراعة ونوعه، اذ يتم حصاده بنفس طريقة حصاد البطاطا، أي عن طريق الحراثة حول النبات، في صباح يوم دافئ ومشرق، من اجل تجفيف القرون أو البذور وتخزينها.
يتم حصاد الفول السوداني في منطقة الصلو بطرق بدائية عن طريق عملية القلع بالفأس وعادة يتم الجني عن طريق الايادي العاملة بعدها يتم نقله للتجفيف والتخزين ومن ثم تسويقه في الاسواق المحلية مع اخذ في الاعتبار القيام بختيار كمية منه كبذور للموسم القادم.
ويقول لـ «حلم أخضر» هلال الخطيب، أحد مزارعي ومنتجي الفول السوادني في المنطقة: “زراعة الفول السوداني في الصلو موسمية وتعتمد بشكل اساسي على مياه الامطار، نزرع (اللوز) أي الفول السوداني، مرة واحدة في السنة، ويصادف موسم الامطار الذي نعتمد عليه بشكل اساسي في الزراعة”.
ويؤكد الخطيب أن المديرية “تعاني من شحة المياه، لهذا يلجأ الفلاحين إلى زراعة الفول السوداني في موسم الامطار فقط، ولا يتم تجربة زراعته في مواسم أخرى”.
الصلو: 3 أصناف للفول السوداني
يزرع الفلاحون في الصلو ثلاثة أصناف من الفول السوداني في مدرجاتهم الجبلية. الصنف الأول: ثلاثي الحبه (اشفورد) وهو من الاصناف شبه المبكرة، ويحتاج 120 يوم تقريبا للنضج، ويزرع في الاراضي الخفيفة وهذا الصنف تم جلبه في فترات سابقة من المناطق الجنوبية المتاخمة للمنطقة، ومع مرور الوقت اكتسب بعض الصفات التي تميزه عن غيره من الاصناف.
أما الصنف الثاني من الفول السوداني، فهو فول سوداني رباعي الحبة ويعد من الأصناف المصرية وهو مُبكر يحتاج 90 يوماً لنضوج ثماره، ويزرع في مناطق التربة المتوسطة.
ويعتبر الصنف الثالث: المعروف لدى المزارعين بـ “البلدي” وهو من الاصناف التي دخلت للمنطقة في فترة متأخرة، وتتم زراعته في المناطق الدافئة نوعاً ما، في قرى: “البطنه”، “صعرة”، “القابلة”، وقرية “العزر”. وهو من الأصناف المتأخرة التي تحتاج لأكثر من 160 يوم.
وبحسب المصادر، تحتاج زراعة الفول السوداني الى الطقس الدافئ أو المعتدل بما يقارب من 20.25 م° عند النمو وأقل من ذلك خلال النضج.
وتتطلب زراعته تربة مناسبة خفيفة، وليست خصبة كثيراً، وأن تكون متوسطة الرطوبة، وذات تهوية جيدة، لهذا يزرع في مناطق محددة في المديرية وليس في أغلبها.
أسباب ضعف الانتاج
برغم ذلك كله، يعد انتاج مديرية الصلو لمحصول الفول السوداني ضعيف، ولأسباب عدة، أبرزها: شحة المياه، وانحسار زراعته في مناطق محددة، وعدم اهتمام المؤسسات الزراعية الحكومية بدعم مزارعي الفول السوداني. على حد قول الفلاحين المحليين.
ولعل ما هو أهم: اعتماد السكان في مناطق الصلو على زراعة محصول الذرة بأنواعها، كمحصول أساسي، ومورد رئيسي للدخل لدى غالبية الفلاحين.
الأمر ذاته، ينطبق على ريف محافظة تعز. فإنتاج الفول السوداني في مناطق تعز،غير مدرج في إحصاءات وزارة الزراعة والري.
وتصنف محافظة تعز على أنها غير منتجة للفول السوداني في سجلات الإحصاء الزراعي، برغم انتاج بعض مديريتها للفول السوداني -وإن بكميات قليلة- مقارنة بالمحافظات المنتجة.
يقول الفلاح هلال الخطيب لـ «حلم أخضر»: “الفول السوداني في الصلو، قادر على المنافسة بجودته ومذاقه، لكنه -برغم هذا- يتم بيعه وتسويقه داخليا بطرق ضعيفة”.
“في موسم الحصاد هناك من يمر للمزارعين في بيوتهم او حقولهم ويشترون الفول السوداني منهم، وهناك البعض من المزارعين يسوقون المحصول خارج المديرية خصوصا في المديريات المجاورة وفي أسواق مديرية الدمنة دمنة خدير) وأسواق تعز، ومدن أخرى، ولكن هذا يحدث بشكل محدود”، قال الخطيب.
اليمن: 1,515 طن من الفول السوداني
بحسب سجلات الإحصاء الزراعي للعام 2018، يعد الفول السوداني من المحاصيل النقدية المزروعة في اليمن، وهي: البن، السمسم، القطن، التبغ، والفول السوداني. والتي تزرع في 20 محافظة جنوب وشمال البلاد.
في العام 2014، كانت مساحة زراعة المحاصيل النقدية في اليمن حوالي 84,152 هكتار. لكن هذه المساحة تقلصت جراء الحرب والأزمة الاقتصادية، وتراجع الاهتمام بالزراعة حتى وصلت الى حوالي 74,778 هكتار في العام 2018، حسب إدارة الاحصاء الزراعي.
يتصدر البن، طليعة المحاصيل النقدية من حيث المساحة والإنتاج، وتبلغ مساحة زراعة البن اليمني قرابة 32,984 هكتار، في حين يتراوح الإنتاج بين حوالي 19 -20 ألف طن في السنة. يليه محاصيل: التبغ والسمسم والقطن على التوالي.
ويأتي الفول السوداني من بين أقل المحاصيل النقدية المزروعة في اليمن. فنسبة المساحة الزراعية المنتجة للفول السوداني في البلاد تصل حوالي 3% من المساحة المحصولية للمحاصيل النقدية.
يزرع الفول السوداني بشكل رئيسي في محافظات أبين، ولحج، والمحويت، بمساحة زراعية اجمالية تبلغ 2,141 هكتار.
ويصل انتاج اليمن لمحصول الفول السوداني في المحافظات المنتجة، إلى حوالي 1,515 طن، وفق إحصاءات العام 2019.
تعد محافظة أبين جنوب شرق البلاد، أكثر المناطق انتاجاً للفول السوداني في اليمن، حيث تنتج 1,308 طن في مساحة تبلغ 1,879 هكتار، تليها من حيث الإنتاج محافظة لحج (المتاخمة لتعز والصلو) حيث تزرع الفول السوداني في مساحة تقدر بحوالي 208 هكتار، وبلغ إنتاج لحج للفول السوداني 186 طن في 2019.
وتليهما محافظة المحويت شمال صنعاء، والتي تنتج من الفول السوداني حوالي 57 طن، في مساحة زراعية تبلغ 54 هكتار. بحسب بيانات الإحصاء الزراعي للعام 2019.
الصراع وتراجع الاهتمام بالزراعة
يرى المهندس طلعت هائل، أن “قلة الوعي وعدم الاهتمام بالمزارعين من قبل الجهات الزراعية المعنية. وغياب خطط التسويق للمنتجات الزراعية، أدت إلى انحسار بيع المحصول داخلياً، وتراجع الانتاج عام بعد اخر”.
مضيفاً لـ «حلم أخضر»: “إذا وجد اهتمام ولو بسيط بالمزارعين، من خلال ايجاد برامج تسويقية فان الانتاج سيرتفع والاقبال عليه ايضاً. وخصوصا أن الفول السوداني المنتج في الصلو ذو جودة عالية ومذاق قادر على المنافسة داخلياً وخارجياً”.
لعل اعتماد الفلاحين في منطقة الصلو وغيرها، على زراعة أصناف الحبوب (نظراً لأهميتها) كمورد للدخل، إلى جانب ضعف تسويق الفول السوداني وتخزينه بطرق حديثة. أضعف ازدهار زراعة الفول السوادني.
بالاضافة لتأثير عوامل أخرى مثل التغيرات المناخية والجفاف وشحة الامطار، وتفاقم أزمة مادة (الديزل) الذي يعتمد عليه المزارعين لسحب مياه الابار وري الارض، قد ساهمت في تدهور الزراعة اجمالاً، وتحديداً الفول السوداني.
وفي الآعوام الماضية، تراجعت زراعة المحاصيل ومنها الفول السوداني في المدرجات الجبلية في الصلو، نتيجة تداعيات الصراع، وانتقال المعارك ووصولها لعدد من المديريات الريفية في الصلو.
حيث أدت المعارك المسلحة، الى إعاقة مهنة الزراعة، وجعلتها محفوفة بالكثير من المخاطر. فخلال السنتين الأخيرتين، لم يستطيع كثير من الفلاحين من زراعة الفول السوداني بفعل الألغام والاشتباكات الدائرة بين حين وآخر.
* مراجع البيانات:
– سجلات الإحصاء الزراعي للعامين: 2018 – 2019، وزارة الزراعة والري، اليمن.