حلم أخضر – تقرير خاص
في الحروب، يحصي البشر دائماُ الخسائر بعدد القتلى والجرحى بين الجنود والمدنيين. وبما تم تدميره من مدن وسبل الحياة. لتبقى البيئة، في كثير من الأحيان، ضحية غير معلنة للحرب والصراع العسكري.
هذا بالضبط ما حدث في اليمن، طيلة السنوات الـ 6 الماضية. فقد تلوثت آبار المياه وتدمرت بعضها جراء المعارك، أما المحاصيل الزراعية فقد تعرض بعضها للجفاف والموت، والبعض الآخر أحرقت جراء القصف الجوي، بحسب ما أفادت التقارير.
وفي هذا السياق، تحتفي الجمعية العامة للأمم المتحدة، في يوم الـ 6 نوفمبر/ تشرين الثاني، من كل عام بوصفه: اليوم الدولي لمنع استغلال البيئة في الحروب والصراعات المسلحة.
فبسبب الحرب الدائرة والمستمرة في البلاد، قُطّعت أشجار الغابات، وتضررت التربة، وجرى تلغيم مساحات من الأراضي والسواحل بالمتفجرات والألغام الأرضية. والتي ستظل التركة الثقيلة للصراع.
حرب على الحيوانات
الحيوانات البرية والبحرية في اليمن، هي الأخرى لم تكن في مأمن في ظل هذا الصراع. فقد وقعت أعداد كبيرة منها ضحية للحرب. ازدهرت عمليات الصيد والذبح لأنواع نادرة من السلاحف البحرية في سواحل المحميات.
وماتزال جرائم صيد الوعول البرية والغزلان النادرة، مستمرة في مناطق وادي وصحراء حضرموت وأجزاء من شبوة، ضمن مهرجان سنوي يتم فيه قنص العشرات من الوعول.
في حين تعرضت أعداد أخرى من الحيوانات كالماشية والابقار للنفوق جراء تضرر المراعي، وتعرضها لأمراض، منها مرتبط بشكل مباشر وغير مباشر جراء الحرب.
شكلت حالة الصراع وعدم الاستقرار، بيئة خصبة لتنامي جرائم صيد وقتل الحيوانات النادرة، ونشطت عمليات الاتجار بالأنواع المهددة بالانقراض، وجرى تهريب وبيع الكثير من الحيوانات الى دول الجوار، وسط صمت رسمي.
ورصد حلم أخضر في تقارير سابقة، خلال الفترة 2014 – 2018، حوادث اصطياد وقتل أكثر من 20 نمراً من النمور العربية في مناطق عدة في اليمن، أبرزها محافظات: الضالع، والمهرة وأبين.
Indirect victims of war in Yemen. Lack of awareness and weakening of environmental protection measures are leading to more killings of such rare predators. pic.twitter.com/CCaNKN2uya
— Ammar Aulaqi (@ammar82) February 16, 2018
طبقاً لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، فأن ما لا يقل عن 40 % من الصراعات الداخلية خلال السنوات الستين الماضية، كانت مرتبطة باستغلال الموارد الطبيعية، سواء كانت موارد ذات قيمة عالية، مثل الأخشاب والماس والذهب والنفط. أو موارد نادرة مثل الأراضي الخصبة والمياه.
كما تم التوصل أيضاً الى أن فرص تأجج النزاعات المسلحة تتضاعف، إذا كانت مرتبطة بالموارد الطبيعية. بحسب برنامج الأمم المتحدة للبيئة UNEP.
الحرب تدمر ربع مليون هكتار
طيلة السنوات الـ 6 الماضية، أدى استهداف الأراضي الزراعية في اليمن، إلى تقليل فرص وصول السكان الى الغذاء. وحرمان الالاف من المزارعين من مصدر دخلهم، وتقلصت مساحة المحاصيل الغذائية في البلاد، خاصة في المناطق التي تقع في خطوط النار من جميع الجهات.
تشير سجلات الإحصاءات الزراعية، الى أن مساحة المحاصيل الزراعية الاجمالية في اليمن، تراجعت من حوالي 1,351,560 مليون هكتار من المساحة المحصولية في العام 2014، إلى حوالي 1,064,812 مليون هكتار في العام 2019.
وبحسب وزارة الزراعة والري، فقدت اليمن خلال سنوات الحرب منذ سنة 2015 حتى العام 2019 حوالي 286,748 ألف هكتار من مساحة أراضي المحاصيل الزراعية في البلاد.
بعبارة أخرى: فقدت اليمن أكثر من ربع مليون هكتار من اجمالي المساحة المحصولية المنتجة للفواكه والخضروات والمحاصيل النقدية.
انخفاض محاصيل الحبوب
بحسب تقارير متعددة، تسبب استمرار الصراع والظروف المناخية، الى انخفاض انتاج محاصيل الحبوب، وفاقم مشكلة الامن الغذائي في اليمن. كان انتاج المحاصيل الغذائية يبلغ حوالي 700,962 ألف طن من الحبوب في العام 2014. لكنه تراجع بشكل سنوي، وتدنى الانتاج في العام 2018 لحوالي 344,648 ألف طن فقط من محاصيل الحبوب الغذائية.
فمنذ مارس/أذار 2015، تضرر القطاع الزراعي بشكل كبير جراء المعارك من جهة، وأزمة المشتقات النفطية من جهة أخرى، وخصوصاً انعدام وقود الديزل التي يستخدمها الفلاحين اليمنيين في تشغيل آبار المياه لري الاراضي، وتشغيل المعدات الزراعية.
الموز يفقد 16 ألف طن
في نهاية العام 2014، كان إنتاج فاكهة الموز في اليمن يبلغ حوالي 125,504 ألف طن. وكان يشكل حوالي 4% من نسبة الصادرات الزراعية اليمنية الى السوق الخارجية. بحسب إدارة الإحصاء والمعلومات الزراعية.
ومع استمرار الحرب الراهنة التي تشهدها البلاد، تراجع انتاج الموز ليصل إلى 109,242 ألف طن في نهاية العام 2018. بخسارة فارق بلغ مقداره 16,262 ألف طن، وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء.
الحديدة: موت مليون نخلة
شهدت محافظة الحديدة، في 13 يونيو/حزيران 2018، اشتداد المعارك الميدانية بين طرفي الصراع، وتزايدت عمليات القصف الجوي لطيران التحالف بقيادة السعودية، وبسبب ذلك تحولت الأراضي التي تقع فيها غابات النخيل في “الدريهمي” لمناطق مواجهات خطرة على المزارعين، الذين لم يتمكنوا من العمل في مزارعهم. مما أدى الى جفاف اشجارهم.
وأشارت أحدى التقارير الى أن حوالي مليون شجرة من أشجار النخيل المثمرة والمنتجة للتمور والبلح، في مناطق ومديريات “الدريهمي” تعرضت للجفاف والموت نتيجة لوقوعها في خطوط النار.
احتراق 100 مزرعة عنب
إلى ذلك، كشفت بيانات حديثة صادرة عن وزارة الزراعة اليمنية، عن تقلص حجم المساحة الزراعية لفاكهة العنب اليمني بشكل كبير، وتراجع كمية انتاج محصول العنب اليمني طيلة السنوات الـ 6 الماضية، جراء تأثيرات الحرب المباشرة وغير المباشرة، وتفاقم أزمة الوقود، وزحف أنشطة العقارات فوق الأراضي الزراعية الخصبة.
ويشير تقرير سابق، الى فقدان حوالي 16,64 كيلومتر2 تقريباً، من المساحة الزراعية لحقول العنب اليمني، والتي اختفت منها بساتين العنب خلال الفترة 2014 – 2019.
ووفقاً للاتحاد التعاوني الزراعي التابع لوزارة الزراعة، تعرضت أكثر من 100 مزرعة عنب في محافظتي صنعاء وصعدة، لأضرار بالغة جراء عمليات القصف الجوي. في حين تعرضت محاصيل العنب في بعض المناطق للتلف جراء الإصابة بالآفات والأمراض الفطرية.
الحرب تدمر 860 ألف شجرة
قبل عامين، حذرت الهيئة العامة لحماية البيئة في اليمن، من مخاطر تزايد عمليات الاحتطاب، نتيجة أزمة انعدام مادة الغاز المنزلي، التي تفاقمت بفعل الحرب. مما أدى لتناقص الغطاء النباتي بشكل لافت.
وقال مدير التنوع الحيوي وإدارة المحميات في هيئة حماية البيئة، المهندس عبد الله أبو الفتوح، في تصريحات سابقة: ” يتم قطع الأشجار بما يزيد على 860 ألف شجرة في السنة، لسد حاجة أفران ومخابز العاصمة صنعاء فقط، والبالغ عددها 722 مخبزاً، إذ يتم حرق قرابة 17,500 ألف طن من الحطب سنوياً”.
وأضاف المهندس عبدالله أبو الفتوح: ان “الاحتطاب في اليمن، يشكل ضغوط قوية على الغطاء النباتي، وعلى تناقص الأشجار في الأرياف والمدن الحضرية. وقد تعرضت غابات المانجروف في محمية جزيرة كمران بمحافظة الحديدة، للاقتطاع والتحطيب الجائر”.
“في منطقة “صعفان” الواقعة في حراز بمحافظة صنعاء، يشكو المواطنين من احتطاب اراضيهم من قبل أناس باستمرار”. قال أبو الفتوح.